دليلُ التّمانُع المأخُوذ من قولِ الله تبارك وتعالى “لو كانَ فيهِما آلهةٌ إلا اللهُ لفسَدَتا”

Arabic Text By Jul 14, 2013

دليلُ التّمانُع المأخُوذ من قولِ الله تبارك وتعالى “لو كانَ فيهِما آلهةٌ إلا اللهُ لفسَدَتا”


فائدة عظيمة في شرح في التوحيد، مستفادة من كلام الامام القونوي رحمه الله: الأصلُ الأصيلُ في إبطال هذه الأقاويلِ هو دليلُ التّمانُع المأخُوذ من قولِ الله تبارك وتعالى “لو كانَ فيهِما آلهةٌ إلا اللهُ لفسَدَتا” (الأنبياء 22)، (والمراد بكلمة فيهما السموات والأرض)، دلّت الآيةُ على أنّهُ لا يصحُّ أن يكونَ للعالَم صانعانِ خَالِقَانِ لأنّهُ لو كانَ للعالَم صانِعان لثبَت بينهُما صحّةُ التّمانع، أي بأنْ يغلِبَ هذا هذا أو يغلِبَ هذا الآخر. 
وبيانُ ذلك أن أحَدَهما لو كان أرادَ أن يَخلُقَ في شخصٍ واحدٍ حياةً والآخرُ مَوتًا، فإن حَصلَ مُرادُهما كانَ ذلكَ مُحالا لأنّهُ جمَعٌ بَينَ ضِدَّيْن. أو نفَذَت إرادَةُ أحدِهما دونَ الآخَر وفي ذلك تَعجِيزُ مَن لم تَنفُذ إرادَتُه، والعاجزُ منحَطُّ عن درجَةِ الألوهيّةِ إذِ العَجْزُ مِن أمَاراتِ الحدُوثِ. 
فإنْ قيلَ أليسَ يجُوز اتّفاقُهما على أن لا يختَلِفَا في إيجادِ شَيءٍ أو إعدامِه، فالجوابُ أن يقالَ الموافَقةُ بينَهُما إنْ كانَت عن ضرورةٍ فقَد ثبَت عَجزُهما، يعني إن كانت هذه الموافقةُ بينَهما عن اضطرارٍ منهُما فقد ثبَت عَجزهُما. 
ومعنى ذلكَ أنّ اضطِرارَهُما إلى الموافقَةِ عَجَزٌ ومِن شَأنِ الإله أن يكونَ غَيرَ مُضطَرّ إلى شيءٍ. 
وإن كانَت عن اختيارٍ فيُمكِنُ تَقديرُ الاختِلافِ بينَهُما وذلكَ كافٍ. 
معناه أن إمكانُ تقديرِ الاختلافِ بينَهما يكفِي لفسادِ ثبُوتِ الألوهيّةِ لهما. 
فَهْمُ هذا البُرهان العَقليّ مُستَمدٌّ مِن قولِ الله تعالى “لو كانَ فيهِما آلهةٌ إلا اللهُ لفَسَدَتا”.
فإن قال قائلٌ إنّ التّعبيرَ القرآنيّ بفِي في هذهِ الآيةِ يَقتَضِي أنّ اللهَ ضِمنَ هذا العالَم، وأنّه لو فُرِضَ وجودُ آلهةٍ غَيرِه ضِمنَهُ معَهُ لم تَستقِم السّمواتُ والأرض، فالجوابُ أنّ في بمعنى اللام أو بمعنى على أي لو كانَ لهُما أو كانَ عليهِما أي مُسيطِر عليهما، أي للأرض والسماء آلهةٌ إلا اللهُ أي غيرُ اللهِ لفَسدَتا. 
فلا حُجّةَ في الآيةِ للمجَسّمةِ أي الذينَ يُثبتُونَ للهِ التّحيّزَ والمكانَ الذي هو مِن شأنِ الأجسَام. الجِسمُ لا بُدّ لهُ مِن حَيّز ومكانٍ، فهُم لما اعتقَدُوا في الخالِق أنّهُ لا بُدّ أن يكونَ جِسمًا أثبَتُوا لهُ الحيّزَ والمكانَ. وهذهِ الآيةُ قَد يتَعلّقُ بها مَن هو على مَشرَبِهم لإثباتِ الحيّزِ للهِ نَظرًا إلى “في” المقتَضِيَةِ للظّرفيّةِ بحسَب استعمالِها الأكثرِ كما إذا قلنا زَيدٌ في الدّارِ معناهُ أنّ الدّارَ ظَرفٌ لهُ فهيَ للظّرفيّةِ هنا لأنّهُ لا دليلَ لإخراجِها عن الظّرفيّة، فحَيثُ لا دليلَ على الإخراجِ عن الظّرفيّةِ يُتركُ لفظ “في” على ظَرفيّتِه لأنهُ الاستِعمالُ الأغلَبُ، ولكن الظرفية لا تجوز على الله سبحانه. أنشروه دعاكم لمن نشره