يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي
فقد رُوّينا في معجمِ الطبراني الصغير وفي معجمه الكبير بالاسناد المتصل من حديثِ عثمان بن حنيف رضي الله عنه قال جاء أعمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ادع الله لي أن يرد علي بصري قال [إن شئت صبرت وإن شئت دعوت لك] قال: إنه شق علي ذهاب بصري وليس لي قائد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إيت الميضأة فتوضأ وصلِّ ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي وتسمي حاجتك لتقضى لي] ثم جاء رجل إلى عثمان بن حنيف فشكى له أنه يتردد الى عثمان بن عفان فكان عثمان لا يلتفت اليه ولا ينظر في حاجته فقال له عثمان بن حنيف رضي الله عنه [إيتِ الميضأة فتوضأ وصل ركعتين وقل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي وتسمي حاجتك لتُقضى لي فرح إليه حتى أروح معك] فذهب الرجل إلى عثمان بن عفان فأخذ البوابُ في يده وأجلسه على طِنفِسَة عثمان فقال له عثمان ما ذكرتُ حاجتك حتى كانت هذه الساعة فقضى له حاجته وقال ما كان لك من حاجة فأتنا، قال الطبراني رحمه الله والحديث صحيح وذلك بعد أن أوردَ طُرُقَ الحديث أي تعدد أسانيده فقول الطبراني والحديث صحيح يعني به المرفوع والموقوف لأن كلاًّ من المرفوع والموقوف في اصطلاحأهل الحديث يُسمى حديثا، المرفوع يُسمى حديثا والموقوف يُسمى حديثا. هذا الحديث رواه عِدة من المحدثين من أصحاب الكتب المشهورة كالترمذي وابن ماجة والبيهقي وغيرهم لكنَّ بعض هؤلاء الذين خرّجوا هذا الحديث في تآليفهم اقتصروا على القدر الذي هو مرفوع أي على القصة التي هي مرفوعة أي مجيء الأعمى إلى النبي صلى الله عليه وسلم اقتصروا على هذا القدر وأما قصة الرجل الذي كانت له حاجة إلى عثمان بن عفان فكان عثمان لا يلتفت إليه أي لشغل باله فهي لم يروها أكثر مَن خرج هذا الحديث وإنما رواها بعضهم والاسناد واحد إسناد المرفوع وإسناد الموقوف أي قصة الرجل الذي كانت له حاجة إلى عثمان أُوردت مع المرفوعة من طريق واحد. وفي هذا الحديث دليل على أن التوسل بالنبي في حياته أي قبل مماته وبعد مماته جائز لا فرق في الجواز بين ما قبل وفاته وما بعد وفاته لا فرق كِلا الأمرين جائز وفيه ثواب فلما كان أتباع ابن تيمية مُتمسكين بالقاعدة التي هو أحدثها من دون دليل شرعي بل برأيه الذي استحسنته نَفْسُه من غير أن يستند إلى دليل لا يجوز التوسل إلا بالحي الحاضر هذه قاعدة ابن تيمية التي وضعها وليس لها مُستندٌ في دين الله لما كان أتباع ابن تيمية متشبثين بذلك أي برأي ابن تيمية أنه لا يجوز التوسل إلا بالحي الحاضر قال أحد كبارهم وهو ناصر الدين الألباني الصحيح من هذا الحديث الجزء الأول وهو قصة الرجل الأعمى الذي جاء إلى النبي أما قصة الرجل الذي كانت له حاجة إلى عثمان بن عفان فهذه مُنكرة أي غير صحيحة فهذا تَقَوّلٌ بلا دليل كما أن ابن تيمية تَقوّلَ في دين الله برأيه بلا دليل كذلك هذا الذي يتبعه ناصر الدين الألباني تَقَوّلَ في دين الله بغير دليل شرعي بل أراد أن ينتصر لهواه وهوى جماعته الذين تمسكوا بهذه القاعدة الفاسدة لا يجوز التوسل إلا بالحي الحاضر فقال ما قال، قال: هذا الحديث الجزء الأول منه أي توسل الأعمى بالرسول بهذا اللفظ اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي وتسمي حاجتك فذهب الرجل ثم دخل علينا فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس وقد أبصر أي فُتحَ نَظرُهُ هذا الحديث فيه دليل على أن هذا الرجل الأعمى ما توسل بحضور رسول الله بل بمكان الوضوء ذهب إلى مكان الوضوء فتوضأ وصلى ركعتين ثم توسل بالرسول فَفُتح نظرُه ثم جاء إلى الرسول والرسول بعدُ ما فارق مجلسه، هذا الصحابي عثمان بن حنيف رضي الله عنه هو يقول: فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا الرجل وكأنه لم يكن به ضُرٌّ قط أي كأنه لم يُصبه عمى دخل وقد صار مُبصرا ارتد بصيرا دخل علينا وقد ارتد بصيرا، هذا القدر المرفوع هذا أيضا هم يُحرفونه يقولون على زعمهم توسل بحضور الرسول بل يقولون الرسول دعا له إنما انتفع هذا الأعمى وفُتح نظرُه بدعاء الرسول ليس بالتوسل وإنما سَلكوا هذا المسلك من التحريف لئلا تَـنـتَـقِضَ عليهم القاعدة التي وضعها ابن تيمية أبو العباس أحمد الحراني، إذا قيل ابن تيمية فهما اثنان ابن تيمية أبو العباس أحمد الحراني ويُلقب تقي الدين وجَدُ هذا يقال له مَجدُ الدين عبد السلام هذا جد وذاك حفيد هذا المفتون حفيد أما ذاك الأصل جدٌّ فهو من أكابر الحنابلة في مذهب أحمد بن حنبل له مكانةكبيرة ولا يُعرف عنه شئ من إنكار التوسل والاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بالأولياء لأن المسلمين ما كان قبل ابن تيمية فيهم من يُنكرُ التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وفيما بعد مماته ما كانوا يُنكرون حتى الإمام أحمد بن حنبل الذي هم يدعون أنهم على مذهبه أنه إمامهم يقولون إمامنا الإمام المبجل أحمد بن حنبل هكذا يعتزون به، هو هذا الإمام أحمد بن حنبل روى عنه أكبر تلاميذه قدرا أبو بكر بن المروَزي قال: قال أحمد: يَتوسل الداعي أي عند الاستسقاء أي عند طلب المطر من الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم، أحمد أثبت جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بل مشروعيته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فأين هؤلاء وأين أحمد هؤلاء يقولون التوسل بالنبي بعد مماته شِرك وفي حياته في غير حضوره شِرك وأحمد بن حنبل يستحسن بل يستحب التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته عند الشدة عند القحط أي عند انقطاع المطر، ثم أيضا أحمد بن حنبل رضي الله عنه قال في صفوان بن سليم رضي الله عنه وهو إمام تابعي جليل من العباد النساك المشهورين قال أحمد بن حنبل في صفوان بن سُليم رضي الله عنهما يُستنزل المطر بذكره يعني صفوان بن سُليم إذا ذُكر المطر ينزل أي يُنزلُ الله تعالى المطر ببركة صفوان بن سُليم هكذا قال أحمد بن حنبل. أحمد بن حنبل يستحسن التوسل بالأولياء بعد وفاتهم وهؤلاء يُكفرون الذي يتوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم في غير حضرته وبالأولى إذا كان التوسل به بعد مماته أنظروا إلى البُعد الشاسع بين هؤلاء وبين أحمد بن حنبل، ومن ابن تيمية في جنب أحمد بن حنبل ، أحمد بن حنبل رضي الله عنه من السلف من السلف الصالح كل طوائف أهل السنة يُثنون عليه الثناء الجميل فتركوا أحمد بن حنبل واتبعوا هذا الرجل المفتون ابن تيمية الذي يقول في دين الله ما ليس منه. ذكر هذه القصة عن أحمد بن حنبل قولَه في صفوان بن سُليم يُستنزل المطر بذكره المحدثان الحافظان الحافظ المزي في تهذيب الكمال والحافظ مرتضى الزبيدي. فالأثر الموقوف على الصحابة يُطلق عليه اسم الحديث مذكور في كتباصطلاح الحديث وُجد ذلك في عبارة الإمام أحمد بن حنبل وغيره الأثر الذي هو من فعل الصحابة ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم يُسمى حديثا عند أهل الحديث كما يُسمى ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله أو فعله أو تقريره حديثا كِلا ذلك يُسمى حديثا هذا الذي يعرفه علماء الحديث احمد ابن حنبل الذي هو أكثر المحديثن من السلف حِفظا للحديث حفظ من الحديث ما لا يُروى من العدد لغيره. اهـ