الشَّهادَةُ سَبْعٌ سِوى القَتلِ في سبِيلِ الله
فقال شيخنا رحمه الله: المؤمنونَ الذين هُم مِن أهلِ الجنّة قِسمان قِسمٌ يَدخُلونَ الجنّة بأرواحِهم، بعدَ مَوتهِم أرواحُهم تَعيشُ في الجنّة الآنَ، وهم شهداءُ المعركة هؤلاء أرواحُهم تمكُث في الجنّة إلى يوم القيامة، يومَ القيامةِ تجتَمِعُ بأجسَادِهم التي لم تأكلْها الأرض بل بقِيَت إلى ذلك الوقت إلى يوم البَعث تتّصل بتلك الأجسادِ اتّصالا تامًّا، كذَلك المؤمنونَ الأتقياء بَعدَما يَأكُل التّراب أجسَادَهُم ولا يَبقَى إلا عَظمٌ صَغير في آخِر الظَّهْر يُقَالُ لهُ عَجْبُ الذّنَب عِندئذٍ أرواحُهم تَصعَدُ إلى الجنّة تَعِيشُ بشَكْلِ طائر، يأكلُونَ مِن ثمار الجنّة لكن لا يتَبوّأونَ مُتَبَوّأَهم الخاصّ الذي أعَدَّه اللهُ لكُلّ واحِد منهُم أن يَنزِلَه ويتَبوّأَه فذَاك مؤخَّرٌ إلى يوم القيامة، يوم القيامةِ كُلُّ واحِدٍ يتَبوّأ مُتبَوّأَه الخاصّ في الجنّة برُوحِه وجسَدِه يَعيشُ فيه، فالأتقياءُ أرواحُهم بعدَ أن يأكلَ الترابُ أجسَادَهم تَصعَدُ إلى الجنّة تَعيشُ هناك، أمّا سائرُ المؤمنين الذينَ هم مِن أهلِ الكبائر ماتُوا قبلَ التّوبة فأرواحُهم بعدَما يأكُل التّرابُ أجسادَهُم تَعيشُ في هذا الفَضاء بينَ السّماء والأرض ومنهُم مَن يَعيشُ في السّماءِ الأولى وأمّا الكفّار كلَّ يَومٍ يُعرَضُونَ على مقَاعِدِهم التي سيَقعُدُونها في جهَنّم يَنظُرون، يَرَونَ كلَّ يوم مَقعَدَهُم في النّار مرّةً قبلَ الظّهر ومَرّةً آخرَ النّهار مِن غيرِ أن يَنزلوا في ذلكَ المستَقَرّ، ويخَوّفُهم ملائكةُ العذابِ يقولونَ للكافِر هذا مَقعَدُك حتى تُبعَثَ إليهِ يومَ القِيامة، تَعذيبُه بالنّظَر، ليسَ بأن يحُلّ في جهَنّم بجسَدِه ورُوحِه إنما هذا العَرْضُ عَذابٌ كبِير، الواحِدُ منّا في الدّنيا لو كان مَسجُونًا ثم أُخِذ كلَّ يوم إلى محَلّ الشّنْق مرّتَين أوّلَ النهار وآخرَ النّهار ماذا تكونُ عِيشَتُه فكيف ذلكَ المنظر، أمّا الشّهداءُ الذينَ هم ليسُوا بشهداء المعركة وهم عِدّة أنواع كالذي يموتُ بمَرض البَطْن والذي يموتُ بمَرض ذاتِ الجَنْب ورَمٌ يَحدُثُ في الجَنْب في الدّاخل ثم يَخرُج إلى الظّاهر، والذي ضَربَه الطّاعُون،الطّاعُون يَحدُثُ في المواضِع اللّيّنة مِنَ الجِسم فيَحدُث منهُ إسهالٌ وقَيءٌ وغَمٌّ وحُمّى،غَالبًا لا يتَعافى مَن أُصِيبَ بهِ، غَالبًا يموت، والذي يموتُ غرَقًا والحَريق، الذي يموتُ بالحَرْق أو الغَرَق أو يتَردَّى مِن عُلْوٍ إلى أسفَل، والنّساءُ اللاتي يمُتْنَ بأَلم الولادَةِ، وكلُّ مُسلِم يُقتَلُ ظُلمًا لو بالسُّمّ هؤلاء شهداء بمعنى أنّهُ ليسَ علَيهم عذابٌ في القَبر ولا في الآخِرة ثم الدَّين يُوفّى عنهم يؤخَذُ منهم الدَّين أمّا في الآخِرة لا يُعذّبون، هؤلاء ليسَ لهم ما لشَهيدِ المعركة هؤلاء يَظَلُّون في قبُورِهم إلى أنْ تَبلَى أجسَادُهم فإنْ كانوا مِنَ الأتقياء في الدّنيا أرواحُهم تَأوِي إلى الجنّةِ بصُورةِ طَير يأكلُونَ مِن ثمارِ الجنّة إلى يومِ القِيامة.
(قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم “الشَّهادَةُ سَبْعٌ سِوى القَتلِ في سبِيلِ الله المَطعُونُ شَهيدٌ والمَبطُون شَهيدٌ والغَرقُ شَهيدٌ وصَاحبُ الهَدْم شَهيد وصاحبُ ذاتِ الجَنْبِ شَهيد وصَاحِبُ الحَرْق شَهيد والمرأةُ تمُوتُ بجُمْع شَهيدة“رواه النسائي)