الردة اي قطع الاسلام بالكفر
الكفر الاعتقادي
وهو بالقلب وهو كالشّكُ في الله او في رسوله او القرءان او اليوم الآخر او الجنّة او النار او الثواب او العقاب او نحو ذلك مما هو مجمع عليه معلومٌ من الدين بالضرورة او( اعتقاد قِدَمِ العالم وازليتهُ بجنسه وتركيبه او بجنسِه فقط) او ( نفَّي) صفة من صفات الله الواجبة له اجماعاً (ككونه عالما).
ان من طرأ له الشَّك في وجود الله كَفَرَ وكذلك يكفرُ من شّك في رسالة رسول من رسل الله رسالته معلومة من الدين بالضرورة (اي الجاهل والعالم يعرفان الحكم َكحِرمةِ السرقه. هذا معنى معلوم من الدين بالضرورة) او شَّك في نزول القرءان على سيدنا محمَّد صلى الله عليه وسلم أو شك باليوم الآخر أو النار. أن هذا هل يكون ام لا . وليس المراد ان مُطلقِ التردد هل الجنَّة او النَّار موجودتان الآن كُفر لأن ذلك ليس معلوما من الدين بالضرورة واهل الحق على أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن وشذت المعتزلة فقالت انهما الان ليستا موجودتين ولكنهما ستوجدان فيما بعد فلم يُكفر العلماء من قال ذلك وانما فسقوهم, والمعتزلة الذين يكفرون يكفرون لغير ذلك من مقالتهم.
ويؤخذ من ذلك أن أصُول الاعتقادِ على قسمين :
1- قسمٌ منها يكفرُ من شَّك فيهِ وهو ما كان معلوماً بين المسلمين علمائهم وجُهالهم علماً ظاهراً
2- وقسم منها ليس كذلك كالحوض الذي يشربُ منه المؤمنون قبل دخول الجنَّة .
فالاول يكفر الشَّاك فيهِ ومُنكِره والثاني لا يكفرُ الشَّاكُ فيه ومنكره إلا أن يكون عناداً.
ومن الكفر ايضا اعتقادُ قِدَم العالمِ وأزليته بجنسه وافراده كما قالت الفلاسفة او بجنسه فقط كما قال احمد ابن تيمية ووافق الفلاسفة المحدثين. وأجمع المسلمون على كفر الفريقين نقل ذلك المحدث الفقيه الاصولي الشافعي بدر الدين الزركشي في تَشنيفُ المسامع. وكذلك يكفر من أنكر صفة ٌمن صفاتِ الله تعالى الواجبة له إجماعاً ككونه ِعالماً وكونه حياً وكونه سميعاً بصيرًا وكونه قديراً ولا يعذرُ أحد بالجهلِ ِفي ذلك.
ومن الكفر الاعتقادي تحليل مُحَرم بالاجماع ِمعلوم من الدين بالضرورة ممّا لا يخفى عليه كالزنى واللواط وقتل المسلم والسرقة والغصب .
يكفر من اعتقد حِل محَّرم بإجماعِ المسلمين معلوم ظاهر بينهم بالضرورة اي من غير تفكير واستدلال فمن أحلهُ كفر ومن هذه الاشياء الزنى واللواط والقتل والسرقة والغصب هذا ان لم يكن الشخص معذورا أما إن كان معذورا كأن كان أسلم من قريب ولم يعلم أن المسلمين يُحرِمُونَ الزنى (اي بأن كان لم يخالط المسلمين حال كُفرِهِ) وقال بعدما أسلم ان الزنى ليس حراما مثلا فلا نُكفرهُ بل نعلمهُ .
ومن الكفرالاعتقادي تحريم
حلال ظاهر كذلك كالبيع والنَّكاح .
أنَّ من حرّم أي جعل موجباً للعذاب في الاخرة شيئا هو حلالٌ عند المسلمين معلوم ٌ حِله بينهم علماً ظاهراً يعرف ذلك العالمُ والجاهلُ كالبيع (اذا شخص باع بضاعة ولم يغش ولم يكذب و لم يسكت عن عيب اذا وجد فيها فقيل عنه حرامي أو لص او أي كلام فيه انه يستوجب العقاب لمجرد الربح والعياذ بالله فهذا كفر قال تعالى( وأحّلَ الله البيعَ وحرمَ الرِبا) لا يوجد فى الشرع تعيين لمقدار الربح قال رسول الله :<<إنما البيع عن تراضِ.
ويكفر من حَرم َالنّكاح
اي الزواج فانه كافر كأبي العلاء المعري فإنه كان يحرمُ النَّكاح وسواءٌ حرمَ الشخصُ ذلك ظاهرا او حقيقةً واعتقادا. وليس المُرادُ أن يمنعَ نفسه من شىءٍ مع اعتقادِ حِلَّه كقول الرجل لزوجته أنت حرام ٌعليَّ فانه لا يكفر عندئذ لأن معناه الذي يفهمه الناس أنه يمنعُ نفسه ُمن زوجتهِ كما يقولُ الرجل حرام ٌعلي أكلُ اللحم على هذا المعنى اي أمنعُ نفسي منه لأن هذا من قاله لزوجتهِ يترتبُ عليه كفارة ٌمثل كفارةُ اليَمِين أمَّا من قال ذلك في منعِ ِنفسه ِعن اللحم ونحوه فلا كفَّارة عليه.
ومن الكفر الاعتقادي ايضا نفي وجوب مُجمع عليه كذلك كالصلوات الخمس او سجدة منها والزكاة والصوم والحج والوضوء.
أنَّ مما يخرج من الاسلام نفّي وجوب ما أجمع المسلمون على وجوبهِ بظهور ووضوح يشتركُ في معرفته العالمُ والجاهلُ كمنَّكر ِالصلوات الخمس ومنكر سجدة منها ومنكر الزكاة ومنكر وجوب صوم رمضان ومنكر وجوب الحج على المستطيع ومنكر وجوب الغسلِ من الجنابة فهذا ردَّة وكفرٌ أي بالنسبة لغير ِالمتأول وأما المتأول فلا يَكفر كالذين أنكروا وجُوبَ الزَّكاة عليهم في عهد ابي بكر لانهم اخطأوا في تفسير قوله تعالى *خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها وصل ِعليهم إن صلاتك سكن لهم *سورة التوبة 103. لانهم فهموا من قوله تعالى خذ أي يا محمد ففهموا أنه بعد موته ليس عليهم دفعها لأنه قد مات و هو المأمور بأخذها منهم ولم يفهموا أن هذا الحكم عام في حال حياته وبعد موته ِ . وقِتَالُ أبي بكر ٍلهم مع المرتدّين ليس لاجل كُفرِهِم بل لأنهم امتنعوا عن دفع حق ولجئوا للقتال ِوكانوا ذوي شوكة اي قوة . وأما إذا كان الامام يقدر على أخذ الزَّكاة من الممتنعين قهرا ًلا يقاتلهم بل يأخُذهاَ هو أو مأذوُنَهُ مِنهُم قهراً.
ومن الكفر الاعتقادي ايضا إيجاب ما لم يجب إجماعا كذلك.
أنَّ من أوجبَ ما لم يجبِ بإجماع المسلمين وكان أمرا ظاهرا بين المسلمين أنه غير واجب فهو كافر مثلا قال أحدهم (يجب على كل مسلم ان يقول في منتصف الليل سبحان الله أو لا اله الا الله ). وكالذي يوجب ارسال
الاذكار او القصص او التهليل أوكقصة الامام احمد خادم مسجد الرسول-المكذوبة- ويجعلون عدم ارسالها ذنبا والعياذ بالله
والاجماع انما ينعقد باتفاق المجتهدين فقط لا يشترط فيه العامّة والعلماء الذين هم دون المجتهدين.
ومن الكفر الاعتقادي ايضا نفي مشروعية مجمع عليه كذلك.
أن من الكفر الاعتقادي النفي بالقلب مشروعية امر مجمع عليه ممّا عَرفَ المُسلِمون أنه مَشروعٌ في الدين بالضرورة(اي بدون تأمل واستدلال) أي معرفة ظاهرة يشتركُ فيها العَالِمُ والجاهلُ كرواتب الفرائض الخمس ( صلاة سنّة الفجر و الظهر والعصر والمغرب والعشاء) والوتر.
ومن الكفر الاعتقادي ايضا العزم على الكفر ِفي المستقبل.
أنَّ من عزمَ في قلبه على أن يَكفر في المستقبل فإنه يَكفرُ فى الحال كأن يقول إن فعلت كذا فأنا بريء من الاسلام بِقَصدِ التعليق فإنَه ُيكفر فى الحالِ ِلا إذا قصدَ أنهُ بعيدٌ من ذلك الشىء فإنه ُلا يكفر ولكنه ُلا يسلم من المعصية التي هي من الكبائر كذلك الذي يقول إن فعلتُ كذا فأنا يهودي ومرادهُ أنَّه ُبعيد من أن يفعل ذلك الشىء فلا يكفر لكنه ِتجبُ عليه التوبة من هذه المعصية الكبيرة.
ملاحظة مهمة
ليس على المسلم ِخطر إن خطر ببالهِ بدون إرادة منهُ ما ينافي إثبات وُجُود الله او الجنَّة او النَّار وهو معتقد الحَقَ اعتقاداً جازماً فلا تأثيرُ لهذا الخاطر في قطع إيمانهِ بل يَزدَادُ ثواباً بِكَراهِيته ِلهذاَ الذي يخطرُ له ُفالمراد بالخاطرِ غير الشَّك والاعتقاد لأن هذا ليس مما يستطيعُ الانسانُ مَنعه والله لا يُكَلِفُ العبد إلا ما هو في وسعه ِوهذا عامٌ في كل شىء ولو تكررَ هذا الخاطر (بالوسواس).
ومن الكفر الاعتقادي ايضا الذي ينكر رسالة واحد من الرسل المجمع على رسالته.
أنَّ من أنكر رسالة واحد من الرسل الذين اتفق المسلمون على أنه من رسل الله فهو كافر فمن أنكر نبوة واحد من ألانبياء الذين أجمعَ المسلمون على أنه من الانبياء فهو كافر وهنا تفصيل وهو أن الرسل الذين أجمع المسلمون على رسالتهم منهم من عرف جمهور المسلمين أنهم رسل كإبراهيم وموسى وعيسى ونوح وهناك قسم كثير لم يشتهر عِندهم رسالة واحد منهم فيقال :إن من أنكر رسالة أو نبوة من أجمع المسلمون عليه فقد كفر إلا أن كان لا يعلم ذلك لأنه لم يشتهر عِندَهُ فلا نُكفره بل نُعلمه لأن هذا لا يتوصلُ اليه عن طريق العقل إنما يعرف عن طريق النقل . وكذلك لو قرأ شخص في القرءان أن هارون والياس واليسع أنبياء ثم نسي لطول عهده بالقراءة للقرءان فقال عن واحد منهم انه ليس بنبي فلا يكفر وأما من اختلف فيه هل هو نبي رسول أم نبي فقط أم هو وليّ فقط كالخضر عليه السلام فمن قال بواحد من ذلك فلا حرج عليه لكن القول الراجح فيه أنه نبي.
ومن الكفر الاعتقادي ايضا من جحد حرفا مجمعا عليه من القرءان او زاد حرفا فيه مجمعا على نفيه معتقدا أنه منه عنادا.
أنّ من أنكر حرفا اتفق المسلمون على أنه من القرءان فقد ارتدَّ وكذلك من زاد فيه حرفا أجمع المسلمون على أنه ليس من القرءان وكان ذلك الحرف الذي زاده زيادته له عنادا لا ظنا منه أنه من القرءان فهذا أيضا يُحكم ُعليه بالردّة أما من زاد حرفا في القراءة جهلاً منه أو من أجل الصوت من غير أن يعتقد أنه قرءان فإنه لا يكفر (أي ان زيادة حرف في القرءان بلا اعتقاد أنه منه بل من أجل تحسين الصوت أو مع اعتقاد أنه منه جهلا فليس ذلك بردّة.)
ومن الكفر الاعتقادي ايضا الذي يجوز نبوة أحد بعد نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)
أنّ من اعتقد أنه يجوزُ أن يأتي نبيّ بعد محمَّد (صلى الله عليه وسلم )أي أن ينزِل وحي بالنبوة على شخص لم ينبأ قبل محمَّد كفر , وكذا لو شك بأن قال يجوز أن يكون فلان نزلت عليه النبوة.
وقد ظهر جماعة يقال لها الأحمدية والقاديانية ءامنوا برجل اسمه غلام أحمد كان بباكستان توفي منذ نحو قرن ونصف تقريبا يعتقدون أنه نبي مُجدد وأحيانا يقولون نبوته نُبُوة ظلية أي تحت ظل ِمحمَّد أي ليس مستقلا انما هو منتسبٌ الى سيدنا محمد وكل هذا كفر فانه لا يجوز أن ينبأ شخص بعد محمد استقلالا ولا تجديدا لنبوة محمد. ويُمَوِهُونَ على الناس لترويج ِدعوتهم هذه بقولهم ان معنى *وَخاَتمَ النَّبِينَ*سورة الاحزاب 40 زينة ُالنبيين ويُنكِرونَ أن معناه ءَاخرُ الأنبياء وتفسيرهم هذا فاسد ٌلأن قولهم إن محمَّدا زينة ُالنبيين كما أن الخاتم زينة ليد صاحبه فيه مدح لسيدنا محمَّد وهذا الوصف أنزله الله في القرءان تعظيما لسيدنا محمد ليس لخلاف ذلك ثم ان الحديث النبويّ الصحيح الذي رواه مسلم وغيره يبطل هذا التفسير ويهدمه فانه صلى الله عليه وسلم قال * وَخُتِمَ بي النبيّون* وهذا يزيد معنى الاية * وخاتم النبين * وضوحا أنه بمعنى ءاخرهم أي بمعنى الاخر الذي لا نبي بعده وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه البخاري *كانت بنو اسرائيل تَسُوسُهم الانبياء (اي تحكمهم) كلما هَلَكَ –اي مات- نبيّ خلفه نبيّ وانّي خاتم النبيين فلا نبيّ بعدي* وكذلك قوله (صلى الله عليه وسلم) لعلي رضي الله عنه عند السفر الى تبوك<< أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبيّ بعدي>> رواه البخاري وقوله (صلى الله عليه وسلم) << ذهبت النبوة وبقيت المبشرات>> قيل وما المبشرات يا رسول الله ؟ قال <<الرؤيا الصالحة>>.وقال بعض هؤلاء ان معنى قول النبيّ << لا نبيّ بعدي>> لا نبيّ معي فلا ينفي نبوة من يأتي بعده كغلام احمد وهذا يردُ بما مضى من الادلة وبقوله (صلى الله عليه وسلم)<<لو كان بعدي نبيّ لكان عمر >> رواه الترمذي وبالحديث الذي فيه اخبار النبيّ أنه سياتي بعده
كذابون كل منهم يزعمُ أنه رسول الله فغلام أحمد داخل في هؤلاء لأن الرسول ذكر أنه يكون ثلاثون منهم من غير أن يفيد ذلك انحصارهم في ثلاثين فقط. ولم يدع ِفي حياة رسول الله النبَّوة الا الاسود العنسي ومسيلمة الكذاب.
والله أعلم واحكم