عيسى المسيح عليه السلام
ولادة سيدنا عيسى المسيح عليه السلام
يقول الله تعالى في القرءان الكريم(( ما الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ)) الآية [سورة المائدة] هو عبد الله ورسوله عيسى ابن مريم بنت عمران خلقه الله تعالى من غير أب كما خلق ءادم من غير أب وأم، قال الله تعالى: ((إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ))} سورة ءال عمران].
وأم نبي الله عيسى هي مريم بنت عمران الصدّيقة الولية العذراء الطاهرة التي تربت في بيت الفضيلة وعاشت عيشة الطهر والتقوى وقد أثنى الله تبارك وتعالى عليها في القرءان الكريم في مواطن عديدة
قال الله تعالى: (( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} (( سورة التحريم].
ومعنى فنفخنا فيه من روحنا أمرنا الملك جبريل أن ينفخ روح عيسى المشرّفة في فم مريم فدخل الرّوح من فمها إلى رحمها, ومعنى فرجها هنا فتحة قميصها.الملك وجّه إلى فتحة قميصها فدخل الرّوح من فمها إلى رحمها.
ومما جاء في قصة حملها ووضعها أنها ذهبت ذات يوم إلى مكان لتقضي أمرا فأرسل الله إليها جبريل عليه السلام متشكلا بشكل شاب أبيض الوجه: {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} [سورة مريم]، أي فقال لها إن الله أرسله إليها ليهبها ولدا صالحا طاهرا من الذنوب:{قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [سورة مريم].
أي قالت مريم: أنى يكون لي غلام ولم يقربنيِ زوج ولم أكن فاجرة زانية: {قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا} [سورة مريم] أي فأجابها جبريل عن تعجبها بأن خلق ولد من غير أب سهل هين على الله تعالى، وليجعله علامة للناس ودليلا على كمال قدرته سبحانه وتعالى وليجعله رحمة ونعمة لمن اتبعه وصدقه وءامن به. بقول الله تعالى في القرءان الكريم: {فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا} [سورة مريم].
نفخ جبريل عليه السلام في جيب درعها فحملت بعيسى عليه السلام ثم تنحت بحملها بعيدا خوف أن يعيرها الناس بولادتها من غير زوج ثم ألجأها وجع الولادة إلى ساق نخلة يابسة وتمنت الموت خوفا من أذى الناس، فناداها جبريل يطمئنها ويخبرها أن الله جعل تحتها نهرا صغيرا ويطلب منها أن تهز جذع النخلة ليتساقط عليها الرطب الجني وأن تأكل وتشرب مما رزقها الله وأن تقر عينها وأن تقول لمن رءاها وسألها عن ولدها إني نذرت للرحمن أن لا أكلم أحدا.
ثم إن مريم عليها السلام أتت قومها تحمل مولودها عيسى عليه السلام على يدها في بيت لحم فقالوا لها: لقد فعلت فعلة منكرة عظيمة، فإن أباك لم يكن رجل سوء ولم تكن أمك زانية وظنوا بها السوء وصاروا يوبخونها ويؤنبونها وهي ساكتة لا تجيب لأنها أخبرتهم أنها نذرت للرحمن صوما ولما ضاق بها الحال أشارت إلى عيسى عليه السلام، عندها قالوا لها ما أخبر الله به بقوله: {فَأَشَاَرَت إِلَيه قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} [سورة مريم]
عند ذلك أنطق الله تبارك وتعالى بقدرته سيدنا عيسى عليه السلام وكان رضيعا )): {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا(( [سورة مريم] اعتراف بالعبودية لله عز وجل هذا أول مانطق به عليه السلام وهو في المهد: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [سورة مريم] إقرار منه بالعبودية لله رب العالمين.
وقوله: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا} [سورة مريم] أي جعلني نفـاعا معلما للخير حيث ما توجهت.
دعا عيسى عليه السلام قومه إلى عبادة الله وحده وعدم الإشراك به شيئا ولكنهم كذبوه وحسدوه وقالوا عنه ساحر ولم يؤمن به إلا القليل فعيسى عليه السلام نبي ورسول جاء بدين الحق والهدى دين الإسلام العظيم الذي جاء به كل الأنبياء من ءادم إلى محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعبن .