مَا أُعطِيَ أحَدٌ عَطاءً خَيرًا وأَوسَعَ مِنَ الصَّبرِ”رواه البيهقي
قال شيخنا رحمه الله عَملُ الآخِرَةِ يحتاجُ إلى الصّبرِ على المشَقّاتِ والشّدائِدِ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”مَا أُعطِيَ أحَدٌ عَطاءً خَيرًا وأَوسَعَ مِنَ الصَّبرِ“رواه البيهقي.( ورواه مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان).
والصّبرُ أنْواعٌ صَبرٌ على مشَقّاتِ العِباداتِ،مَشقَّةِ طَلبِ العِلم الواجبِ وأداء سائرِ الفُروضِ التي فَرضَهَا اللهُ،والصّبرُ على كفِّ النّفسِ عن المعَاصِي، والصّبرُ على ما ابتلاكَ اللهُ به هذَا الصّبرُ الوَاجِبُ، ثم بَعدَ ذلكَ صَبرٌ ءاخرُ لأهْلِ الإرادَاتِ أي الذينَ يُريدُونَ أنْ يَصِيرُوا أتقياءَ صُلَحَاءَ،أولئكَ يحتَاجُونَ إلى مَزِيدِ صَبرٍ.
قال بعضُهم ألا بالصّبرِ تَبلُغُ ما تُرِيدُ
وبالتَّقْوى يَلِينُ لَكَ الحَدِيدُ
هذَا الصّبرُ لأهْلِ الخصُوصِيّاتِ الذينَ يُريدونَ أن يتَرقَّوا إلى دَرجَةِ الاستقَامةِ ،درَجَةِ الوِلايةِ،لا يصِلُ الانسانُ إلى الولايةِ إلا بعدَ أنواعِ الصّبرِ الثلاثةِ الأُوَلِ،ثم الصّبرُ عن كفِّ النّفسِ عن كثيرٍ مِنَ المبَاحاتِ،ولا يَصِيرُ الانسَانُ وَليّا إلا بهذه الطّريقَةِ،أما بمجرَّدِ لُزومِ الصّلواتِ الخمسِ وصِيامِ رمَضانَ وكَثرةِ الذِّكرِ فَلا يَصِيرُ العَبدُ وَليّا مَهما أتْعَب نفسَه،ثم العِلمُ المكتَسَبُ يحصُلُ بالتّلقّي منَ العُلماءِ مع المداومَةِ على الصّبرِ أمّا العِلمُ اللّدنّيُّ فهوَ عِلمٌ غَيرُ مُكتَسَب،ذاكَ لا يكونُ إلا للوَليّ،أما الذي لا يَشتَغِلُ بعِلمِ الدّينِ الذي يَعرِفُ به الحلالَ والحرامَ مُستَحيلٌ أنْ يَصِلَ إلى الوِلايةِ.اه.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ولم يسأله أحدٌ إلا أعطاه حتى نفد ما عنده فقال لهم حين أنفق كلّ شىء بيده :ما يكونُ عندِي مِن خَيرٍ لا أدَّخِرُه عَنكُم ،وإنّه مَن يَستَعفِف يُعِفُّه اللهُ ومَن يَستَغْنِ يُغنِه اللهُ ومَن يَتصَبّر يُصبِّرهُ اللهُ ولم تُعطَوا عطاءً خَيرًا وأوسَعَ مِنَ الصّبرِ”.
.