قالَ الله تعالى:قُلْ فِيهِما إثمٌ كبِيرٌ ومَنافِعُ للنّاسِ وإثمُهُمَا أَكبَرُ مِنْ نَفعِهمَا“
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد
قال شيخنا رحمه الله
رجلٌ في بلَدِنَا ذُكِرَ لي أنّهُ مُبتَلًى بعِلَّةٍ صَعبَةٍ،قالَ لي شَخصٌ إنّ شَيخَنا الشيخ محمّد عبدُ السّلام وكانَ قُطبًا، دخَلَ علَيهِ فقَالَ لهُ بَعدُ أَنتَ تِلكَ الفَعْلَة مَا زِلتَ تَفعَلُها،يعني شُربَ الخَمر،لأنّهُ كانَ يَتدَاوَى بهِ لأنّه لم يجِد دَواءً غَيرَه،كأنّه يقولُ لهُ لا بأسَ عَليكَ،ثم قالَ الشيخُ محمّد لهذا المبتَلَى أَنتَ أَحدُ قَوائِم عَرشِ البَلد،يُريدُ أنّه مِنَ الأوليَاء،بَعضُهم وظِيفَتُه لبَلدَةٍ واحِدَةٍ وبَعضُهم للإقلِيم وبَعضُهم لأَوسَعَ مِن ذَلك،معنَاهُ يُوجَدُ ثَلاثةٌ ءاخَرُونَ مِثلُه.
أمّا الذي يَشرَبُ الخَمرَ لغَيرِ التّداوي فهذا دَجّالٌ.
أمّا إنْ رأيتُم إنسانًا لا يُعلَمُ لهُ مَعصِيةٌ وكانَ مُبتَلًى بمرضٍ صَعبٍ يجُوزُ تحسِينُ الظّنِّ بهِ أنّه يَشربها للتّداوِي لأنّهُ مَا وجَدَ دَواءً غَيرَها.وهذا لا يَفعَلُه هؤلاء إلا أن يَكونَ ذلكَ المرضُ شَيئًا لا يُتحَمّلُ،هذا الوَليّ الذي كان يَشرَبُ الخمرَ كانَ مُلازِمًا البيتَ.
خمرُ العِنَبِ وخمرُ العَسلِ يقُولونَ لا تَزيدُ الإنسانَ إلا عَطَشًا،لا تَروِي،أمّا خمرُ الشّعِير تختَلِفُ،وخمرُ الذُّرةِ كذَلكَ.
وردَ في الحديثِ الصّحِيح في مسلم:إنها دَاءٌ وليسَتْ بدَواءٍ”مَعنى هذا الحديثِ كأنّهُ ليسَ فيها دَواءٌ مِن شِدّةِ خُبثِها،مِن كَثرةِ خُبثِها كأنّهُ لا دَواءَ فيها بالمرّة،ليسَ مَعناه أنها لا تَشفِي بالمرّة،لا شَكّ أنها تَشفِي مِن بعضِ الأمراض.
الحديثُ ظَاهرُه نَفيُ الدّواءِ عنها بالمرّة لكنْ ليسَ هذا مَعنى الحديث،مَعنى الحديثِ كأنّه ليسَ فيها شَىءٌ مِنَ الشِّفاء لِعُظْمِ ضَررِها،مَفاسِدُها لما كانَت أَكثَرَ الرّسولُ قالَ إنها دَاءٌ ولَيسَت بدَواء”.
شَخصٌ مِن أَهلِ اليَمن قَال أَرضُنا وَبِيئَة،فيها وبَاءٌ،اليَمَن بِلادٌ حَارّة،قالَ كُنّا نَشرَبُ مِن خمرِ الذُّرة وخمرِ الشّعِير،الرّسولُ قالَ إنها داءٌ ولَيسَت بدَواء“مَعناه مِن عُظْم مَفاسِدها كأنّهُ لَيسَ فِيها شَىءٌ مِنَ الشِّفَاء.وإلا إنْ قُلنَا لا تَشفِي مِن مَرضٍ مِنَ الأمرَاضِ بالمرّة الكفَّارُ يقُولُونَ هَذا إنْكَارٌ للعِيَان،شَىءٌ مُشَاهَدٌ،كيفَ يَكونُ هَكذا،فيَزدَادُ تَكذِيبُهم للإسلام.
لا تَأخُذوا بظَاهِر هَذا الحدِيث.
القُرءانُ أَثْبَتَ أنّ فِيها مَنفَعةً فإذًا نُوَفِّقُ بَينَ القُرءانِ والحَدِيث،والحديثُ نُؤوِّلُه.
قالَ الله تعالى:قُلْ فِيهِما إثمٌ كبِيرٌ ومَنافِعُ للنّاسِ وإثمُهُمَا أَكبَرُ مِنْ نَفعِهمَا”
بَعضُهُم في كُتُبِ التّفسِير يَقُولُونَ مَنفَعَتُهَا أَنها تُفَرّحُ وتُزِيلُ الهمَّ،هَكذا يُفسّرُونَ،لكنْ ليسَ هَذا فَقط بل فِيها شِفَاءٌ حَقِيقةً مِن بَعضِ الأمرَاض.
الزّعفَرانُ يُفَرّحُ،يملأ القَلبَ فَرَحًا،وإنْ أُكثِرَ مِنهُ إلى ثَلاثَةِ مَثاقِيلَ أي نحو ثلاثينَ غَرامًا قَد يَقتُلُ صَاحِبَهُ مِن شِدّةِ الفَرح،أمّا القَليلُ مِنهُ مُفَرّحٌ بلا ضَرَر.
شَيخُنَا الشّيخ محمّد عبد السلام بما أنّهُ كانَ أَعْلَمَ عُلَماءِ عَصْرِه طَلَبُوهُ للقَضاءِ وأَلحُّوا عَليهِ،فحَتّى يَخلُصَ مِنهُم لَبِسَ القَمِيصَ مَقلُوبًا وصَارَ يمشِي في البَلد،فقَالُوا اختَلَّ عَقْلُهُ فتَركُوهُ.
لأنّ الذي يَتَعَيَّنُ قَاضِيًا قَد يَنجَرُّ للحُكمِ بالبَاطِل،قَد يَأتي إليهِ بَعضُ الحُكّام فيقُولُ هذِه القَضِيّة مَشّهَا لنَا،وهيَ حَرام،
لذَلكَ الأولياءُ يخَافُونَ مِنَ القَضاءِ،أمّا الذينَ لا يُبالُونَ مِنَ الفِتنَةِ يَسْعَونَ لِنَيلِ القَضاءِ لأنّ القَضاءَ مَن أَرادَ أَن يَدخُلَ عَليهِ مَالٌ واسِعٌ لهُ بابٌ واسِعٌ،إذا مَاتَ شَخصٌ وتَركَ تَرِكَةً يَستَطِيعُونَ أنْ يَأكُلُوا مِن مَالِه.