قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ
قال شيخنا رحمه الله رحمة واسعة
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد أمّا بعدُ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:اللهُ أَكثَرُ“رواه البخاري في الأدب المفرد والحاكم في المستدرك وغيرهما.
(قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ ، سَمِعْتُ أَبَا الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيَّ يَقُولُ : قَالَ أَبُو سَعِيدٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ ، وَلاَ قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاَثٍ : إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ بِمِثْلِهَا ، قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ.)
هذا الحديثُ صحِيحٌ،وليسَ مَعناهُ أنّ ذاتَهُ كثِيرٌ،وإنما مَعناهُ أَكثرُ إحسَانًا أو رَحمةً أو نحوَ ذلكَ،على حَسبِ المقَام يُفَسَّر.
أمّا مَن يَقولُ اللهُ واحِدٌ وكثِيرٌ فهُم كُفّارٌ،يُوجَدُ أُناسٌ يَدَّعُونَ التّصَوُّفَ يقولونَ عن اللهِ وَحْدَةٌ في كَثْرةٍ،يقُولونَ اللهُ واحِدٌ وكثِيرٌ،هؤلاءِ مِن أَكفَرِ خَلقِ اللهِ وهُم يَدَّعُونَ الإسلامَ والتّصَوُّفَ،وكلامُهم هَذا لا تأويلَ لهُ.ومِن هؤلاء مَن يقولُ:
فَما في الوُجُودِ سِوَى واحِدٍ
ولَكِنْ تَكَثَّرَ لما صَفَا
في الشّام يجتَمِعُونَ كُلَّ صَباحِ جمُعة في مَسجِدٍ مِنَ المسَاجِد،وأَكثَرَ شَىءٍ في مَسجِد بَني أُمَيّة،يَبدؤن بالصّلاةِ على النّبيّ ثم التّهليل ثم ينتَقِلُونَ إلى ءاه وهُم واقِفُونَ مُتمَايِلُونَ وفي وسَطِهم قَوَّالٌ يُنَظّمُ لهم حَركاتهِم والأصواتَ،وهذا القَوّالُ يَقرأُ هَذِه القَصِيدةَ التي فيهَا هَذا الكفر،يقولُونَ اللهُ كانَ واحِدًا ثم صَارَ كثِيرًا،يقُولونَ لما صَارَ صَافيًا صَارَ كثِيرًا،وهؤلاءِ الذينَ يقُولونَ هَذا يَدَّعُونَ الطّريقةَ الشّاذِليّة،أَحَدُ كِبارِهم سئلَ كيفَ هذَا ولكنْ تَكثَّرَ لما صَفا، فقَال كَثُرَت صِفَاتُه،لَعنَةُ اللهِ علَيهِ.
صفَاتُ اللهِ أَزليّةٌ أَبديّة،الله أزليّ ذاتًا وصِفاتٍ،ذاتُه أي حقِيقَتُه وصِفَاتُه أي قُدرتُه وعِلمُه وسمعُه وبَصرُه وحَياتُه وبقاؤه أَزليّة،هَذا الذي قالَ تَكثَّرَ بمعنى كَثُرَت صِفَاتُهُ يُقالُ لهُ عبدُ الرحمن الشّاغُورِي مِن أَهلِ الشّام،هوَ الرّأسُ الأكبَرُ عندَهُم ماتَ منذُ ثَلاثِينَ سَنةً،هوَ الذي أَفْشَى هَذا الكُفرَ في الشّام،وقَبلَ هَذا رجُلٌ بطَرابلُسَ كانَ عندَه كتابٌ يقولُ عَنهُ هَذا كِتابُ جَدّي،وفيه اللهُمَّ صَلّ على سيِّدِنا محمّد الذي شَهِدَ وَحْدَتَكَ في كَثْرَتِك،فقلتُ لهُ هَذا كُفرٌ،فقَالَ أَهلُ اللهِ يَعرِفُونَ مَعناهُ،تَعصَّبَ لجَدّهِ الذي عَمِلَ هَذا الكتابَ الذي فيهِ كفرٌ،يقولُ عن الرّسولِ شَهِدَ وَحْدَتَكَ أي وَحْدَةَ اللهِ معَ كَثْرَتِكَ،كَلامٌ قَذِرٌ مُنْتِنٌ،احذَرُوا كثِيرًا مِنَ الذينَ يَدّعُونَ التّصوّفَ والطّريقةَ فإنهم دخَلُوا في الكفرِ وهُم لا يَشعُرونَ،بل هُم يظُنّونَ أَنهم صَارُوا أَولياءَ اللهِ،وهُم في الحقِيقةِ يَتفَنَّنُونَ في الكُفر،حتى إنّ بَعضَهُم قالَ كالماءِ الذي ضِمنَ الثّلجِ،كُفرُ اليَهُودِ والنّصَارَى خَفِيفٌ بالنِّسبةِ لكُفرِ هؤلاءِ الذينَ يَدّعُونَ الإسلامَ والطّريقةَ والتّصوّفَ ويقُولونَ هَذا القَولَ، فإنّا للهِ وإنّا إليهِ راجِعُونَ وسُبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين.