الرسول صلى الله عليه وسلم”:قالَ أَنتُم مُتِمُّونَ سَبعِينَ أُمّة أَنتُم خَيرُها وأَكرَمُها على الله”رواه أحمد
ثم إنّ اللهَ تَباركَ وتَعالى فَضّلَ نبِيَّنا محمّدًا بأنْ جعَلَه أكثَرَ الأنبياءِ تَبَعًا وذلكَ أنّ أُمَمَ الأنبياءِ أي مَن تَبِعَ الأنبياءَ يَكُونُونَ يَومَ القِيامةِ ثلُثَ أَهلِ الجنَّةِ،قَبلَ دُخولِ الجنّةِ يُصَفُّونَ مِائةً وعِشرينَ صَفًّا ثمانُونَ صَفًّا مِن هذِه الأمّةِ والأربعونَ صَفًّا مِن سَائرِ الأمم .فينبغِي أن يُعلَم هَذا أي هذِه الفضائِل لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم التي خَصَّهُ اللهُ تَعالى بها .وقَد يَظُنّ كثِيرٌ منَ النّاسِ أنّ هذِه الشّريعةَ هيَ أشَقُّ الشّرائعِ وهذا مِنَ الجَهلِ بالحقِيقةِ.
بنو إسرائيلَ هُم ذرّيةُ يعقوبَ عليه السّلام ومِن ذُرّيته مِن الأنبياءِ يوسفَ عليه السلام وموسى وهَارون أخو مُوسى وداودُ وسليمانُ بن داود وعيسى ابنُ مريم لأن مريمَ مِن ذُرّيّةِ داودَ .يَعقُوب عليه السلام كانَ لهُ اسمانِ يَعقُوبُ وإسرائيل،وكذلكَ المسيح عيسى لهُ اسمان أحَدُهما المسيحُ والآخَر عيسى عليه الصلاة والسلام ،سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لهُ اسمان شهيران أحَدُهما محمدٌ والآخرُ أحمد ولهُ أسماء غيرُهما لكنّ هَذين أشهر أسمائه.
فقَد روى البخاريُّ أنه صلى الله عليه وسلم قال:”إنّ لي خمسةَ أَسماء“ومرادُه خمسةً اختُصّت بي لم يتَسمّ بها أحَدٌ قَبلي،أو مُعظّمَة أو مَشهُورة في الأمم الماضِية أو الكتُب السّالِفَة،وليسَ المرادُ الحصر فيها.
وأَشرفُ أسمائه محمدٌ لإنبائِه عن كمالِ الحَمدِ المُنْبي عن كمَالِ ذاتِه سُمّيَ به معَ كونِه لم يؤْلَف قَبل إمّا لكَثرةِ خِصَالهِ الحمِيدةِ وإمّا لأنّه تّعالى وملائكتَه حمِدوه حمدًا كثيرا بالغًا غايةَ الكمَال.
الثاني أحمد ومعناه أحمَد الحامدِين لربّه،وسبَبُه ما في الصحيح أنه يُفتَح عليه في المقَام المحمود بمحَامِد لم يُفتَح بها على أحد قبلَه.
الاسمُ الثّالثُ المُقَفِّي أي التّابع للأنبياء فكانَ ءاخِرَهُم.
الرابعُ الحاشِر أي الذي يُحشَر الناسُ عندَ قَدمِه أي على إثْرِ زمَنِ نبُوّته إذ لا نبيّ بعدَه،أو على إثْرِه في الحشرِ لأنه أوّلُ مَن تَنشَقُّ عنهُ الأرض.
الخامسُ العَاقِبُ أي الذي لا نَبيّ بَعدَه إذ العَاقِبُ هو الآخِرُ وهوَ عَقِبُ الأنبياء أي ءاخِرُهم.
السادسُ الماحِي ولفظُ روايةِ البخاري :”أنا الماحِي الذي يَمحُو اللهُ بيَ الكُفر”أي أهلَه ،وهَذا محمُولٌ على الأغلَبِ لأنّ الكفرَ مَا انمحَى مِن جمِيع البلاد،أو أنّه سيَنمَحِي أوَّلا فأَوّل إلى أن يَضمَحِلّ بعدَ نزُولِ عِيسى.وهنالكَ أسماءُ أُخرى كثيرة غَير هذه.
وهناكَ أنبياءُ مِن بني إسرائيل أي مِن ذُرّيّة يعقوبَ ذُكِروا في القرءان .
أمّا عدَدُ الأنبياءِ جملتُهم فقد وردَ في حديث صحيحُ الإسناد أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم“:قالَ أَنتُم مُتِمُّونَ سَبعِينَ أُمّة أَنتُم خَيرُها وأَكرَمُها على الله“رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم والطبراني بلفظ” تُتِمّونَ“.
هذا الحديثُ ظاهِرُه أن عدَدَ الأنبياء سَبعونَ لكن يحتَملُ أن يكونَ مَعناه أنّ الأممَ الكبيرةَ مِن أُمَم الأنبياء سبعونَ،مَن سِوى هؤلاء السّبعينَ أُممهُم كانت قلِّة،لأنّهُ ورد في الحديثِ أنّ بعضَ الأنبياء يكون مَعه يومَ القيامة ثلاثةٌ ومع بعضٍ أربعَة ومعَ بعضٍ اثنان وبعضٌ ليسَ معهُم أحدٌ لأنّ كثيرًا مِنهُم قُتِلوا قتَلتهُم الكفّار،كذّبُوهم فقَتلوهم.وهناك حديثٌ ءاخُر فيه أنهم أكثرُ مِن مائةِ ألفٍ بعضُهم رُسلٌ وبعضُهم أنبياء غيرُ رسُل،الرسلُ أفضلُ من الأنبياء غيرِ الرسل،لأنّ الرسلَ كُلٌّ أُنزِلَ عليه شَرعٌ جديدٌ أي في بعضِ الأحكام،أُنزِلَ عليه منَ الأحكام شَىءٌ لم يُنَزّل على مَن قبلَه من الأنبياء.