التحذير الواجب لا يكونُ غِيبةً محرّمةً بل هذا فيهِ ثَواب
قال الفقهاءُ إذَا استَشارَ شَخصٌ شخصًا ليَخطِبَ بِنتًا وكانَ يَعلَم منَ البِنتِ خُبثًا وجَبَ عَليه أن يقولَ لهُ لا تَصلُحُ لكَ فإن كانَ لا يَكتَفي بهذا يُبينُ لهُ فيها كذا وكذَا منَ الخُبثِ مَثلا لا تُصَلّي،أو يَدُها خَفيفة تأكلُ أموالَ النّاسِ،أو نحوُ ذلكَ مِن أنواعِ الخُبثِ، وكذلكَ الخاطِبُ إذا كانَ يَعلَم مِنه فسَادًا وجَبَ على هذا الانسانِ الذي استُشِيرَ ليُزوّجوا بِنتَهم مِن فلان أن يقولَ فُلانٌ لا يَصلُحُ لهذا،فإنْ كانُوا لا يتَوقّفُونَ عندَ هذه الكلِمة يُبيِّنُ لهم فيه كَذا وكذا،وكذلكَ المصَادَقة إذا أرادَ شخصٌ أن يُصَادِقَ شَخصًا فمَن عَلِمَ مِن أحَدِهما فسَادًا أي أنّه يجُرُّه إلى الشّرّ إلى المعاصِي،صَار فَرضًا علَيه أن يُحذّرَه مِنه،يُقالُ لهُ لا تُصَادِقْهُ، إنْ كانَ لا يتَوقّف عندَ هذهِ الكلِمةِ يُبيِّنُ لهُ يقولُ فيه كذا وكذا،ولا يكونُ غِيبةً محرّمةً بل هذا فيهِ ثَواب.
وكذلكَ مما يجبُ منَ الأمرِ المهِمِّ مَن عَلِمَ مِن أجِيرٍ عندَ شَخصٍ في الدّكّانِ أو في غيرِ الدّكّانِ أنّه خَائنٌ وجَبَ علَيهِ أن يقولَ لصَاحبِ العَملِ فلانٌ خَائن،ثم صاحِبُ العَملِ إن شاءَ يَصرِفُه وإن شَاء يُبقِيْه،الذي يَعلَمُ مِنهُ الخِيانة أدّى الحقّ الذي عَليه،ولهُ ثَواب عندَ الله،أمّا إنْ سكَتَ وهوَ يَعلَم وتركَه يعمَلُ عندَ ذلكَ المسلم مِن أجلِ خَاطِر هَذا فعَليه مؤاخَذة في الآخِرة.بعضُ الجُهّال يقولونَ هذا قَطْعُ رِزق نحنُ لا نَتكلّمُ،يا وَيلَ هؤلاء،يا ويلَ هؤلاء،الرِّزقُ على الله،رِزقُ هذا مكتوبٌ في اللوح المحفوظِ أنّه في حَياتِه يصِلُ إليه كذا وكذا مِنَ الرِّزقِ،لم يقولونَ قَطعُ رِزق،ويُتركُ الشخصُ الخائنُ عندَ هذا الرجل.
الشّخص لو لم يُطلَب رأيُه عَليه أن يُحذّر،وجَبَ عليه أن يُبَيِّنَ للشّخص.
لكن إن كانَ الشخصُ الذي يُريد التحذِيرَ منه إن نصَحَه ينصَلح ينصحُه ولا يحذّرُ منه،إن ظَنّ فيه أنه بَعدَما ينصَحُه يَحسنُ حالُه يَتركُه،أمّا إن لم يطمئنَّ قلبُه لهُ لهُ أن يُحذِّرَ صَاحبَ العملِ.
وكذلكَ مَن كانَ يَشتَغلُ بالتّدريس ويُفتي بغَير عِلم يجبُ التّحذير منه،أمّا إن نُصِح ورجَع عن ذلكَ يَتركُه ولا يُحذّر منه.
يقول شيخنا رحمه الله نحنُ لو كانَ رجب ديب ومحمد أبو القُطع وهذا فَيصَل مَولوي رئيس حزب الإخوان وفتحي يَكن أحد أركان حِزب الإخوان وهؤلاءِ دُعَاة حزب التّحرير ،لو كانَ هؤلاء على خَير ،لو كانُوا على هُدًى على شَريعةِ الله متمَسّكِين بشَرِيعَةِ اللهِ كنّا نَفرَحُ بهم،أنا لا أغَار مِن عَالم يَدعُو إلى الحقِّ ولا يَغُشّ بل أنا أَفرَحُ ولو مَلأ أَتباعُه الجبلَ والسَّهلَ أنا أَفرحُ،لكن أعلَمُ أنهم ضَالّون لذلكَ أُحذّر منهُم وأذُمُّهم بما فيهِم لأنّ التّحذيرَ واجب،الذي لا يُحذّر الناسَ ممن يدعُو إلى الضّلال، ممن يَغُشّهم في الدِّين أو في دُنياهُم ،الذي لا يحذّرُ لهُ عِقابٌ يومَ القِيامة،أمّا الذي يحذّرُ فلَهُ ثَوابٌ،الذي يحذِّرُ لهُ ثَوابٌ،الذي يقولُ احذَروا فلان فيه كذا وكذا مِن الشّر لهُ ثَوابٌ،أما الذي يَسكُتُ ولا يحذّرُ فعَلَيه عَذابٌ في الآخِرة حتى لو كانَ أخاه،أخُوه للشخص إذا طلَع يَدعُو إلى الضّلال إلى المعاصي إذا لم يُحذّرْ مِنه وسَكتَ لأنّه أخُوه يَستحِقّ العذابَ يومَ القيامَة،لذلكَ نحنُ نحذّرُ مِن هذا ومِن هذا ومِن هذا ومِن هذا،بعضُ النّاسِ يقولُونَ تَغَارُونَ مِنهُم.