وأُنزِلَ القُرءانُ لأربَعٍ وعِشرينَ خَلَت مِن رمضَان”رواه أحمد
الحمد لله وصلى الله وسلم على سيدنا محمد
عن واثلةَ بنِ الأسقَع رضي الله عنه صاحبِ رسولِ الله عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:”أُنزِلَت صُحفُ إبراهيمَ أوّلَ لَيلَةٍ مِن رمضَانَ وأُنزِلَتِ التّوراةُ لِسِتٍّ مَضَينَ مِن رمَضانَ وأُنزِلَ الإنجيلُ لثَلاثَ عَشْرَةَ خَلَت مِن رمَضانَ وأُنزِلَ الزّبُورُ لثَمانَ عَشْرَةَ خَلَت مِن رمَضانَ وأُنزِلَ القُرءانُ لأربَعٍ وعِشرينَ خَلَت مِن رمضَان“رواه أحمد والطبراني والبيهقي.
وهَذا الحديثُ الصّحيحُ الإسناد يؤخَذُ مِنهُ تَفسِيرُ قولِه تعالى:إنّا أَنزَلناهُ في لَيلةِ القَدْر”فلَيسَ مِنَ المحتَّم أن تكونَ لَيلةُ القَدرِ ليلةَ سَبعٍ وعِشرينَ أو تِسعٍ وعِشرين إنما الغَالِبُ أن تُصادِفَ كذلكَ،فنزَل القُرءانُ وهوَ ءاخِرُ الكتُب السّماوية على ءاخِر الأنبياءِ محمّدٍ عليه الصلاة والسلام دفعَةً واحدةً منَ اللّوح المحفوظِ إلى السّماءِ الدّنيا إلى بيتِ العِزّة ثم في غَدِ تِلكِ اللّيلةِ نزَلَ سيّدنا جبريلُ على الرسولِ بخمسِ ءاياتٍ منْ سُورةِ العَلَق وكانَ ذلكَ أوّلَ نبُوّته ثم بعدَ ذلكَ أُنزِلَ نجُومًا أي متفَرّقًا على الرسولِ صلى الله عليه وسلم على حسَبِ الأسباب والحوادِث.ومن هنا شُهِرَ عندَ النّاس تَسميةُ ليلةِ السّبْع والعشرين ليلة القَدْر لكن لا يجوزُ أن يُعتقَد أنها منحَصرة فيها.
ومعنى ليلة القَدْر ليلة تَقديرِ الأمُور وقضائِها،والقَدْر بمعنى التّقدير،أو سُمِّيت بذلكَ لشَرفِها على سائرِ اللّيالي.ولعلَّ الدّاعِي إلى إخفائها أن يُحيى مَن يُريدُها اللّيالي الكثيرةَ طلَبًا لموافقَتِها،وهذا كإخفاءِ سَاعةِ الإجابةِ في الجُمعَة.
ومَا أدراكَ مَا ليلَةُ القَدْر “أي لم تَبلُغ دِرايتك غايةَ فَضلِها.
ليلةُ القَدْر خَيرٌ مِن أَلفِ شَهْر”ليسَ فيها ليلة القَدْر .وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت قلتُ يا رسولَ الله أرأيتَ إن أدرَكتُ ليلةَ القَدْر بم أَدعُو قال قُولي اللهُمّ إنّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّي“رواه الترمذي وابن ماجه والطبراني.
تَنزّلُ الملائكةُ والرّوحُ فيها”إلى السماءِ الدّنيا أو إلى الأرض،والرّوحُ جِبريل رئيسُ الملائكة،أو خَلقٌ منَ الملائكةِ لا تَراهُمُ الملائكةُ إلا تلكَ الليلة.والملائكةُ أجسام نورانيةٌ لا يأكلونَ ولا يَشربونَ لَيسُوا ذُكورًا ولا إناثًا لا يَعصُونَ اللهَ مَا أمَرهُم ويفعلونَ ما يؤمرون،وعدَدُهم كثيرٌ جِدّا لا يعلَمُه إلا الله تعالى.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:“إذا كانت ليلةُ القَدر نزلَ جبريلُ في كَبْكَبَةٍ(أي جماعةٍ) منَ الملائكةِ يُصَلُّونَ ويُسَلّمونَ على كُلّ عبدٍ قائِم أو قاعِدٍ يَذكُر اللهَ عزّ وجَلّ فيَنزِلُونَ مِن لَدُن غُروبِ الشّمسِ إلى طلُوعِ الفَجْر“رواه البيهقي.فيَنزلُونَ بكلّ أَمرٍ قضَاهُ اللهُ في تلكَ السّنةِ مِن أرزاقِ العبادِ وءاجالهم إلى قَابِل.
بإذنِ ربهِم مِن كُلِّ أَمْر“أي تَنزل مِن أجلِ كلّ أمرٍ قضاهُ الله لتلكَ السّنةِ إلى قابِل.
سَلامٌ هيَ حتى مَطْلَعِ الفَجْر” ليلةُ القَدْر سَلامٌ وخَيرٌ على أولياءِ الله وأهلِ طَاعتِه المؤمنين،ولا يستَطيعُ الشّيطانُ أن يَعمَل فيها سُوأً أو أذًى وتلكَ السّلامةُ تَدومُ إلى مَطلَعِ الفَجْر،أو ما هيَ إلا سَلامٌ لكَثْرةِ ما يُسلّمونَ على المؤمنين إلى وقتِ طلُوعِ الفَجر.
ويُسنّ لمن رأى ليلة القدر أن يكتم ولا يحدث الناس بذلك إلا إذا رأى مصلحة في الإخبار فيخبر.