الله سبحانه وتعالى لا يجوزُ وصفُه بأنّهُ يَأكُلُ أو يَشربُ أو بالنُّعومَةِ أو الخشُونة، وأنّ مَن وصفَهُ بصِفةٍ مِن صفاتِ البشَر فقَد كفَر
اعلم رحمك الله أن الله سبحانه وتعالى لا يجوزُ وصفُه بصفةٍ مِن صِفاتِ البشَر فلا يُوصَفُ بأنّهُ يَأكُلُ أو يَشربُ أو بالنُّعومَةِ أو الخشُونة، وأنّ مَن وصفَهُ بصِفةٍ مِن صفاتِ البشَر فقَد كفَر كما قال الإمام الطحاوي رضي الله عنه في عقيدَتِه.
وإنّ مما يجبُ التّحذيرُ منهُ والنهيُ عنه قولَ بعضِهم الله يَطْعَمَك حجّة وما أشبهَ ذلكَ فإنه صريحٌ في الكفر فمن قال هذه الكلمة وهو يفهم معناها كفر،لأن معنى يَطعَمَك يأكلك،وأما من لم يفهم المعنى الفاسد فلا يكفر،ولكن ينهى عن هذه الكلمة،أما لو قال الله يُطعِمُكَ لكان المعنى صحيحا لأن معناه يَرزُقُك.
ومما يجب التحذير منه كذلك قول بعضهم الله يَنعَم عليك لأن يَنْعَم معناه يصيرُ ناعِما ليّنًا ،أما يُنعِم بضَمّ الياء معناه يُعطِيكَ نِعْمَتَه،لكن مَن قال هذه الكلمةَ ولا يفهَمُ منها المعنى الفاسدَ لا يكفر لكن يجبُ نهيُه عنها.
وسئل شيخنا رحمه الله عمن يقول الله يُطعِمُكَ حَجّة والناس راجِعَة ومُرادُهم تأخّرتَ جِدّا
فقال شيخنا رحمه الله:هم يفهَمُونَ مِنهُ يجعَلُكَ تَذهَب للحَجّ والناسُ انتَهَوا مِنَ الحجّ،مَا فيه كفر.لا يفهمون منه أنّكَ حجَجْتَ.لكن الضّرَر في قولِ يَطْعَمَك بفَتْح الياء،فإنْ كانُوا يفهَمُونَ منه يأكُلُك فهو كفرٌ،وكذلكَ لَو قالَ اللهُ يِطْعَمَك بكَسر الياءِ معناهُ يَأكُلك.
العَرب القدماء يقولونَ إذَا أرادُوا أن يَدعُوا للشّخص الله يُطعِمُك ولدًا أي يَرزُقك،أما يَطْعَمَك لا يفهمونَ منه إلا الأكل.
كذلك الله يَنْعَم عَليك،يَنْعَم معناه يتَلذّذ أما يُنعِم معناه يُعطِيكَ النّعمة،ويِنعَم بكسر الياء معناه مثل يَنْعَم بفتح الياء.
وهُنا تنبِيهٌ مهِمّ وهو أنه كمَا لا يجوزُ النُّطقُ بكلمةِ الكُفر لا يجوزُ أَمرُ الغَيرِ بالنّطقِ بها ولَو كانَ طِفلا، ولا يجوزُ حَثُّ الغَيرِ على النّطقِ بها ،فمن قال لطفل لا يفهم معنى ما يقول سب لفلان ربه كفر الطالبُ منَ الطفلِ ذلك، ،وكذلكَ مَن علِمنا منهُ أنه إنْ كلّمناهُ سيَكونُ جوابُه بكلامٍ كفريّ وإن كانَ هوَ لا يفهَمُ معناه لكن نحنُ نفهَم معناه،ففي هذه الحالةِ الأخيرة المجيبُ لا يكفر لأنه لا يفهم المعنى الكفري من كلامه، لكن الذي كلّمَه ليُجِيبَ بالجوابِ الكفريّ هو يكفُر،لأن الرِّضَى بالكفر كفر والعياذ بالله،مِثالُ ذلك جَرتِ العادةُ في لبنان أن يقالَ لمن اغتَسل أو قَصّ شعَره نعِيمًا وجرَتِ عادَةُ الكثيرينَ أن يجِيبُوا بكلمةِ الله يَنعَم عليك،بدَل أن يقولوا الله يُنعِم عليك،فهؤلاء إن اعتقَدنا أنهم سيُجِيبونَ بالكلمة الفاسدةِ لا يجوز أن نقولَ لهم نَعِيمًا.فالحذر الحذر من مثل هذه الكلمات.