العقيدة الطحاوية

Arabic Text By Aug 23, 2010

 

  
 

العقيدة الطحاوية

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ، الحمد لله رب العالمين ‏.‏ ‏(‏ 0/ 17‏)‏

قال العلامة حجة الإسلام أبو جعفر الوراق الطحاوي بمصر رحمه الله ‏:‏

هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ، على مذهب فقهاء الملة ‏:‏ أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي ، وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري ، وأبي عبدالله محمد بن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم أجمعين ؛ وما يعتقدون من أصول الدين ، ويدينون به رب العالمين‏.‏

*1* الإيمان بالله تعالى ‏:‏

نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله ‏:‏ إن الله واحد لا شريك له ‏(‏ 0/ 18‏)‏ ، ولا شيء مثله ، ولا شيء يعجزه ، ولا إله غيره ‏.‏ ‏(‏ 0/ 19‏)‏

قديم بلا ابتداء ، دائم بلا انتهاء ، لا يفنى ولا يبيد ، ولا يكون إلا ما يريد ‏.‏

لا تبلغه الأوهام ، ولا تدركه الأفهام ، ولا يشبه الأنام ، حي لا يموت ، قيوم لا ينام ‏.‏ ‏(‏ 0/ 20‏)‏

خالق بلا حاجة ، رازق بلا مؤنة ، مميت بلا مخافة ، باعث بلا مشقة ‏.‏

ما زال بصفاته قديما قبل خلقه ، لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفاته ، وكما كان بصفاته أزليا كذلك لا يزال عليها أبديا ‏.‏

ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق ، ولا بإحداث البرية استفاد اسم الباري ‏.‏

له معنى الربوبية ولا مربوب ، ومعنى الخالقية ولا مخلوق ‏.‏

وكما أنه محيي الموتى بعدما أحياهم استحق هذا الاسم قبل إحيائهم ، كذلك استحق اسم الخالق قبل إنشائهم ‏.‏

ذلك بأنه على كل شيء قدير ، وكل شيء إليه ‏(‏ 0/ 21‏)‏ فقير ، وكل أمر عليه يسير ، لا يحتاج إلى شيء ، ‏(‏ ليس كمثله شيء ، وهو السميع البصير ‏)‏ ‏.‏

خلق الخلق بعلمه ، وقدر لهم أقدارا ، وضرب لهم آجالا ‏.‏

لم يخفَ عليه شيء قبل أن يخلقهم ، وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم ، وأمرهم بطاعته ، ونهاهم عن معصيته ‏.‏

وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته ، ومشيئته تنفذ لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم ، فما شاء لهم كان ، وما لم يشأ لم يكن ‏.‏ ‏(‏ 0/ 22‏)‏

يهدي من يشاء ، ويعصم ويعافي فضلا ، ويضل من يشاء ، ويخذل ويبتلي عدلا ، وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله ‏.‏

وهو متعال عن الأضداد والأنداد ، لا رادَّ لقضائه ، ولا معقب لحكمه ، ولا غالب لأمره ‏.‏

آمنا بذلك كله ، وأيقنا أن كلا من عنده ‏.‏

*1* الإيمان بنبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ‏:‏

وأن محمدا عبده المصطفى ، ونبيه المجتبى ، ورسوله المرتضى ، وأنه خاتم الأنبياء ، وإمام الأتقياء ، وسيد المرسلين ، ‏(‏ 0/ 23‏)‏ ، وحبيب رب العالمين ، وكل دعوى النبوة بعده فغَيٌّ وهوى ، ‏(‏ 0/ 24‏)‏ وهو المبعوث إلى عامة الجن ، وكافة الورى ، بالحق والهدى ، وبالنور والضياء ‏.‏

*1* الإيمان بالقرآن الكريم ‏:‏

وإن القرآن كلام الله ، منه بدا بلا كيفية قولا ، وأنزله على رسوله وحيا ، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا ، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة ، ليس بمخلوق ككلام البرية ، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر ، وقد ذمه الله وعابه ، وأوعده بسقر ، حيث قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ سأصليه سقر ‏)‏ ، فلما أوعد الله بسقر لمن قال ‏:‏ ‏(‏ إن هذا إلا قول البشر ‏)‏ علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر ، ولا يشبه قول البشر ‏.‏ ‏(‏ 0/ 25‏)‏

*1* كفر من قال بالتشبيه ‏:‏

ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر ، ‏(‏ 0/ 26‏)‏ فمن أبصر هذا اعتبر ، وعن مثل قول الكفار انزجر ، وعلم أنه بصفاته ليس كالبشر ‏.‏

*1* رؤية الله حق ‏:‏

والرؤية حق لأهل الجنة بغير إحاطة ولا كيفية ، كما نطق به كتاب ربنا ‏:‏ ‏(‏ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ‏)‏ ، وتفسيره على ما أراده الله تعالى وعَلِمَه ، وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كما قال ، ومعناه على ما أراد لا ندخل في ذلك متأولين ‏(‏ 0/ 27‏)‏ بآرائنا ، ولا متوهمين بأهوائنا ، فإنه ما سلم في دينه إلا من سلَّم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، ورَدَّ عِلْم ما اشتبه عليه إلى عالمه ‏.‏

ولا يثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام ، فمن رام عِلْمَ ما حُظِر عنه علمه ، ولم يقنع بالتسليم فهمه ، حجبه مرامه عن خالص التوحيد ، وصافي المعرفة ، وصحيح الإيمان ، فيتذبذب بين الكفر والإيمان ، والتصديق والتكذيب ، والإقرار والإنكار ، موسوسا تائها ، زائغا شاكا ، لا مؤمنا مصدقا ، ولا جاحدا مكذبا ‏.‏

ولا يصح الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم ، أو تأولها بفهم ، إذا كان تأويل الرؤية وتأويل ‏(‏ 0/ 28‏)‏ كل معنى يضاف إلى الربوبية بترك التأويل ولزوم التسليم ، وعليه دين المسلمين ‏.‏

ومن لم يتوَقَّ النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه ، فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية ، منعوت بنعوت الفردانية ، ليس في معناه أحد من البرية ‏.‏

وتعالى عن الحدود والغايات ، والأركان والأعضاء والأدوات ، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات ‏.‏ ‏(‏ 0/ 29‏)‏

*1* الإيمان بالإسراء والمعراج ‏:‏

والمعراج حق ، وقد أسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء ، ثم إلى حيث شاء الله من العلا ، وأكرمه الله بما شاء ، وأوحى إليه ما أوحى ، ‏(‏ ما كذب الفؤاد ما رأى ‏)‏ فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى ‏.‏ ‏(‏ 0/ 30‏)‏

*1*الإيمان بالحوض والشفاعة والميثاق ‏:‏

والحوض الذي أكرمه الله تعالى به غياثا لأمته حق ‏.‏

والشفاعة التي ادخرها لهم حق ، كما روي في الأخبار ‏.‏

والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق ‏.‏ ‏(‏ 0/ 31‏)‏

*1* الإيمان بعلم الله ‏:‏

وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة ، وعدد من يدخل النار جملة واحدة ، فلا يزاد في ذلك العدد ولا ينقص منه ، وكذلك أفعالهم فيما علم منهم أن يفعلوه ، وكلٌّ ميسر لما خلق له ‏.‏

*1* الأعمال بالخواتيم ‏:‏

والأعمال بالخواتيم ، والسعيد من سعد بقضاء ‏(‏ 0/ 32‏)‏ الله ، والشقي من شقي بقضاء الله ‏.‏

*1* الإيمان بالقضاء والقدر ‏:‏

وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه ، لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل ، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان ، وسلم الحرمان ، ودرجة الطغيان ، فالحذر كل الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة ، فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه ، ونهاهم عن مرامه ، كما قال الله تعالى في كتابه ‏:‏ ‏(‏ لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ‏)‏ فمن سأل ‏:‏ لِمَ فعل ‏؟‏ ‏(‏ 0/ 33‏)‏ فقد رد حكم الكتاب ، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين ‏.‏ ‏(‏ 0/ 34‏)‏

فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى ، وهي درجة الراسخين في العلم ؛ لأن العلم علمان ‏:‏ علم في الخلق موجود ، وعلم في الخلق مفقود ، فإنكار العلم الموجود كفر ، وادعاء العلم المفقود كفر ، ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود وترك طلب العلم المفقود ‏.‏

ونؤمن باللوح والقلم ، وبجميع ما فيه قد رقم ، ‏(‏ 0/ 35‏)‏ فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله تعالى فيه أنه كائن ليجعلوه غير كائن لم يقدروا عليه ، ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى فيه ليجعلوه كائنا لم يقدروا عليه ، جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ، وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه ، وما أصابه لم يكن ليخطئه ‏.‏

وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه ، فقدر ذلك تقديرا محكما مبرما ، ليس فيه ناقض ولا معقب ، ولا مزيل ولا مغير ، ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سماواته وأرضه ، وذلك من عقد الإيمان وأصول المعرفة ، والاعتراف بتوحيد الله تعالى وربوبيته ، كما قال تعالى في كتابه ‏:‏ ‏(‏ وخلق كل شيء فقدره تقديرا ‏)‏ ، وقال تعالى ‏:‏ ‏(‏وكان أمر الله قدرا مقدورا ‏)‏ فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيما ، وأحضر للنظر فيه ‏(‏ 0/ 36‏)‏ قلبا سقيما ، لقد التمس بوهمه في محض الغيب سرا كتيما ، وعاد بما قال فيه أفاكا أثيما‏.‏

*1* الإيمان بالعرش والكرسي ‏:‏

والعرش والكرسي حق ، وهو مستغن عن العرش وما دونه ، ‏(‏ 0/ 37‏)‏ ، محيط بكل شيء وفوقه ، وقد أعجز عن الإحاطة خلقه ‏.‏ ‏(‏ 0/ 38‏)‏

*1* الإيمان بالملائكة والنبيين والكتب السماوية ‏:‏

ونقول إن الله اتخذ إبراهيم خليلا ، وكلم الله موسى تكليما ، إيمانا وتصديقا وتسليما ‏.‏

ونؤمن بالملائكة والنبيين والكتب المنزلة على المرسلين ، ونشهد أنهم كانوا على الحق المبين ‏.‏

ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ، ما داموا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم معترفين ، وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين ‏.‏

*1* حرمة الخوض في ذات الله ، والجدال في دين الله وقرآنه ‏:‏

ولا نخوض في الله ، ولا نماري في دين الله ، ولا نجادل في القرآن ، ونشهد أنه كلام رب العالمين ، ‏(‏ 0/ 39‏)‏ نزل به الروح الأمين ، فعلمه سيد المرسلين ، محمدا صلى الله عليه وسلم ، وهو كلام الله تعالى لا يساويه شيء من كلام المخلوقين ، ولا نقول بخلقه ، ولا نخالف جماعة المسلمين ‏.‏ ‏(‏ 0/ 40‏)‏

*1* الرد على المرجئة ‏:‏

ولا نقول ‏:‏ لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله ، نرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ، ويدخلهم الجنة برحمته ، ولا نأمن عليهم ، ولا نشهد لهم بالجنة ، ونستغفر لمسيئهم ، ونخاف عليهم ولا نقنِّطهم ‏.‏ ‏(‏ 0/ 42‏)‏

والأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام ، وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة ‏.‏

ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه ‏.‏

*1* تعريف الإيمان ‏:‏

والإيمان ‏:‏ هو الإقرار باللسان ، والتصديق بالجنان ‏.‏ ‏(‏ 0/ 43‏)‏

وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله ‏.‏ حق

والإيمان واحد ، وأهله في أصله سواء ، والتفاضل ‏(‏ 0/ 44‏)‏ بينهم بالخشية والتقى ، ومخالفة الهوى ، وملازمة الأولى ‏.‏

والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن ، وأكرمهم عند الله أطوعهم وأتبعهم للقرآن ‏.‏

والإيمان ‏:‏ هو الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره ، وحلوه ومره من الله تعالى ‏.‏

ونحن مؤمنون بذلك كله ، لا نفرق بين أحد من رسله ، ونصدقهم كلهم على ما جاؤوا به ‏.‏ ‏(‏ 0/ 45‏)‏

*1* أهل الكبائر من المؤمنين لا يخلدون في النار ‏:‏

وأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في النارلا يخلدون ، إذا ماتوا وهم موحدون ، وإن لم يكونوا تائبين ، بعد أن لقوا الله عارفين مؤمنين ‏.‏

وهم في مشيئته وحكمه ‏:‏ إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله ، كما ذكر عز وجل في كتابه ‏:‏ ‏(‏ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ‏)‏ ‏.‏

وإن شاء عذبهم في النار بعدله ، ثم يخرجهم منها برحمته ، وشفاعة الشافعين من أهل طاعته ، ثم يبعثهم إلى جنته ، وذلك بأن الله تعالى تولى أهل معرفته ، ولم يجعلهم في الدارين كأهل نكرته ؛ الذين خابوا من هدايته ، ولم ينالوا من ولايته ، اللهم يا ولي الإسلام وأهله ثبتنا على الإسلام حتى نلقاك به ‏.‏ ‏(‏ 0/ 46‏)‏

ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة ، ونصلي على من مات منهم ‏.‏

ولا ننزل أحدا منهم جنة ولا نارا ، ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا بنفاق ، ما لم يظهر منهم شيء من ذلك ، ونذر سرائرهم إلى الله تعالى ‏.‏

ولا نرى السيف على أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا من وجب عليه السيف ‏.‏ ‏(‏ 0/ 47‏)‏

*1* وجوب طاعة الأئمة والولاة ‏:‏

ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ، ولا ندعوا عليهم ولا ننزع يدا من طاعتهم ، ‏(‏ 0/ 48‏)‏ ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ، ما لم يأمروا بمعصية ، وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة‏.‏

*1* اتباع أهل السنة والجماعة ‏:‏

ونتبع السنة والجماعة ، ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة ‏.‏

ونحب أهل العدل والأمانة ، ونبغض أهل الجور والخيانة ‏.‏ ‏(‏ 0/ 49‏)‏

ونقول ‏:‏ الله أعلم فيما اشتبه علينا علمه ‏.‏

ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر ، كما جاء في الأثر ‏.‏

*1* وجوب الحج والجهاد إلى يوم القيامة ‏:‏

والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين ، برهم وفاجرهم إلى قيام الساعة ، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما ‏.‏ ‏(‏ 0/ 50‏)‏

*1* الإيمان بالملائكة والبرزخ ‏:‏

ونؤمن بالكرام الكاتبين ، فإن الله قد جعلهم علينا حافظين ‏.‏

ونؤمن بملك الموت الموكل بقبض أرواح العالمين ، وبعذاب القبر لمن كان له أهلا ، وسؤال منكر ونكير في قبره عن ربه ودينه ونبيه ، على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن الصحابة رضوان الله عليهم ‏.‏

والقبر روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النيران ‏.‏ ‏(‏ 0/ 51‏)‏

*1* الإيمان بيوم القيامة وما فيه من المشاهد ‏:‏

ونؤمن بالبعث وجزاء الأعمال يوم القيامة ، والعرض والحساب ، وقراءة الكتاب ، والثواب والعقاب ، والصراط والميزان ‏.‏

*1* الإيمان بالجنة والنار ‏:‏

والجنة والنار مخلوقتان ، لا تفنيان أبدا ولا تبيدان ، وإن الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق ، وخلق لهما أهلا ، فمن شاء منهم إلى الجنة فضلا منه ، ومن شاء منهم إلى النار عدلا منه ، وكل يعمل لما قد فرغ له ، وصائر إلى ما خلق له ‏.‏

*1* أفعال العباد خلق الله وكسب من العباد ‏:‏

والخير والشر مقدران على العباد ‏.‏

والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق الذي لا يجوز أن يوصف المخلوق به ، فهي مع الفعل ، وأما الاستطاعة من جهة الصحة والوسع والتمكن وسلامة الآلات ‏(‏ 0/ 52‏)‏ فهي قبل الفعل ، وبها يتعلق الخطاب ، وهو كما قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ‏)‏ ‏.‏ ‏(‏ 0/ 53‏)‏

وأفعال العباد خلق الله ، وكسب من العباد ‏.‏ ‏(‏ 0/ 54‏)‏

*1* التكليف بما يطاق ‏:‏

ولم يكلفهم الله تعالى إلا ما يطيقون ، ولا يطيقون إلا ما كلفهم ، وهو تفسير لا حول ولا قوة إلا بالله ، نقول ‏:‏ لا حيلة لأحد ، ولا حركة لأحد ، ولا تحول لأحد عن معصية الله إلا بمعونة الله ، ولا قوة لأحد على إقامة طاعة الله والثبات عليها إلا بتوفيق الله ‏.‏ ‏(‏ 0/ 55‏)‏

وكل شيء يجري بمشيئة الله تعالى وعلمه وقضائه وقدره ، غلبت مشيئة المشيئات كلها ، وغلب قضاؤه الحيل كلها ، يفعل ما يشاء وهو غير ظالم أبدا ، تقدس عن كل سوء وحين ، وتنزه عن كل عيب وشين ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ‏.‏ ‏(‏ 0/ 56‏)‏

وفي دعاء الأحياء وصدقاتهم منفعة للأموات ، والله تعالى يستجيب الدعوات ويقضي الحاجات ‏.‏

*1* الله هو الغني ونحن الفقراء إليه ‏:‏

ويملك كل شيء ولا يملكه شيء ، ولا غنى عن الله تعالى طرفة عين ، ومن استغنى عن الله طرفة عين فقد كفر ، وصار من أهل الحين ‏.‏ ‏(‏ 0/ 57‏)‏

والله يغضب ويرضى لا كأحد من الورى ‏.‏

*1* حب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏

ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا نفرط في حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحد منهم ، ونبغض من يبغضهم ، وبغير الخير يذكرهم ، ولا نذكرهم إلا بخير ، وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان ‏.‏

ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا لأبي بكر الصديق رضي الله عنه تفضيلا له وتقديما على جميع الأمة ، ثم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ثم لعثمان رضي الله عنه ، ثم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهتدون ‏.‏ ‏(‏ 0/ 58‏)‏

وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبشرهم بالجنة نشهد لهم بالجنة ، على ما شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقوله الحق ، وهم ‏:‏ أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وسعيد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبو عبيدة بن الجراح ؛ وهو أمين هذه الأمة رضي الله عنهم أجمعين ‏.‏

ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس ؛ فقد برئ من النفاق ‏.‏

وعلماء السلف من السابقين ، ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر ، وأهل الفقه والنظر ، لا يذكرون إلا بالجميل ، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل ‏.‏

*1* الأنبياء أفضل من الأولياء ‏:‏

ولا نفضل أحدا من الأولياء على أحد من الأنبياء عليهم السلام ، ونقول ‏:‏ نبي واحد أفضل من جميع الأولياء ‏.‏ ‏(‏ 0/ 59‏)‏

ونؤمن بما جاء من كراماتهم ، وصح عن الثقات من رواياتهم ‏.‏

*1* الإيمان بأشراط الساعة ‏:‏

ونؤمن بأشراط الساعة منها ‏:‏ خروج الدجال ، ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء ، ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها ، وخروج دابة الأرض من موضعها ‏.‏ ‏(‏ 0/ 60‏)‏

*1* لا يجوز تصديق الكهنة والعرافين ‏:‏

ولا نصدق كاهنا ولا عرافا ، ولا من يدعي شيئا يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة ‏.‏

ونرى الجماعة حقا وصوابا ، والفرقة زيغا وعذابا ‏.‏

*1* إن الدين عند الله الإسلام ‏:‏

ودين الله في الأرض والسماء واحد ، وهو دين الإسلام ، قال الله تعالى ‏:‏ ‏(‏ إن الدين عند الله الإسلام ‏)‏ ، وقال تعالى ‏:‏ ‏(‏ورضيت لكم الإسلام دينا ‏)‏ ‏.‏ ‏(‏ 0/ 61‏)‏ وهو بين الغلو والتقصير ، وبين التشبيه والتعطيل ، وبين الجبر والقدر ، وبين الأمن والإياس ‏.‏

*1* الخاتمة ‏:‏

فهذا ديننا واعتقادنا ظاهرا وباطنا ، ونحن براء إلى الله من كل من خالف الذي ذكرناه وبيناه ، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان ، ويختم لنا به ، ويعصمنا من الأهواء المختلفة ، والآراء المتفرقة ، والمذاهب الردية ، مثل المشبهة والمعتزلة والجهمية والجبرية والقدرية وغيرهم ؛ من الذين خالفوا السنة والجماعة ، وحالفوا ‏(‏ 0/ 61‏)‏ الضلالة ، ونحن منهم براء ، وهم عندنا ضلال وأردياء ، وبالله العصمة‏.‏