إنّا أَنزَلنَاهُ في لَيلةِ القَدْر
اللهُ تَبارك وتَعالى أَخبَرنا في القرءانِ الكريم بأنّهُ أَنزَل القُرءانَ في لَيلةٍ مُباركةٍ،تلكَ الليلةُ هيَ لَيلة القَدْر،كانَت مِن رمَضانَ،لَيلةُ القَدرِ لا تَكُونُ إلا في رمَضان،لا تكونُ في شَعبان ولا في شَهرِ ذِي الحِجّة ولا في شَهرِ ذِي القَعدة أو رجَب أو غَيرِ ذلكَ إلا في رمضَان،ثم هيَ كانَت أيّامَ الأنبياءِ الماضِينَ أي لَيلَة القَدْر،ليسَت مِن خصُوصِياتِ أُمّةِ محمّد،هنا في هذِه الآيةِ اللهُ تعَالى قالَ:إنّا أَنزلناهُ في ليلةٍ مُباركَة“وقالَ في مَوضِع ءاخَرَ في القُرءان:”إنّا أَنزَلنَاهُ في لَيلةِ القَدْر“الليلةُ المباركةُ التي ذُكِرَت في الآيةِ التي تَلونَاهَا أوَّلا هي ليلةُ القَدْرِ لَيسَتْ غَيرَها،ثم اللهُ تَبارَك وتَعالى أَخبَرنا بقَولِه:فِيها يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكِيم“لأنّ الأمُورَ التي تَحدُثُ في العَامِ إلى العَامِ القَابِل تُفرَقُ في هذِه اللّيلةِ أي لَيلةِ القَدْر،لَيسَ في لَيلةِ النِصفِ مِن شَعبانَ كمَا يَظُنُّ كثِيرٌ منَ النّاس،هَذا الذي صَحّ أنّ ليلةَ القَدْر التي هيَ مِن رمَضان هيَ الليلةُ التي يُفرقُ فِيها كلُّ أَمرٍ حَكِيم،أي كلُّ أَمرٍ مُبرَم،أي مما يحدُث في تلكَ السَّنةِ مِن مَوتٍ وصِحّةٍ ومَرضٍ وفَقرٍ وغِنى وغَيرِ ذَلكَ مما يَطرأُ على البشَرِ مِنَ الأحوالِ المختَلِفَةِ إلى العَامِ القَابِل.هذَا شَىءٌ ثَابتٌ عن عبدِ الله بنِ عَباس رضي الله عنهُما ابنِ عَمّ رسولِ الله،هو رَوى ذلكَ أمّا أنّ القرءانَ أُنزِلَ في لَيلةِ القَدْرِ هَذا القُرءانُ أَخْبَر به،بنَصِّ القُرءانِ ثَبَتَ أنّ القُرءانَ أُنزِلَ في لَيلةِ القَدْر،أمّا أنّ تِلكَ اللّيلةَ أي لَيلةُ القَدْرِ هيَ اللّيلةُ التي يُفرَقُ فِيها كلُّ أَمرٍ حكِيم، ابتداءً مِن تِلكَ اللّيلةِ إلى الليلةِ التي في العَامِ القَابِل هَذا مَأخُوذٌ مِن كلامِ سَيِّدِنا عبدِ الله بنِ عَبّاس ابنِ عَمِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم،وعبدُ اللهِ بنُ عَبّاس كانَ يُقالُ لهُ تُرجُمان القرءانِ،مِن إتْقانِه لتَفسِير القرءان برَزَ بينَ أصحَابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حتى لقَّبَهُ بَعضُهم تَرجُمان القراءن،وكانَ الرّسولُ التَزَمَهُ ضَمَّهُ إلَيهِ ودَعا لهُ،دعَا لهُ بفَهمِ القُرءان،لذلكَ بلَغَ هذِه المرتَبةَ أي مَرتبَةَ أن يُلقَّب بتَرجُمان القرءان،كانَ إذا تكلَّم يقالُ عنهُ أفصَحُ النّاس،مَن حضَرَهُ وسمِعَ كلامَهُ يَقولُ عنهُ أَفصَحُ النّاسِ،ومَن نَظرَ إليهِ يقُولُ عنهُ أُجمل الناس،هوَ رضيَ اللهُ عنهُ وعن أَبِيهِ قالَ في قَولِه تَعالى:فيها يُفرَقُ كلُّ أَمرٍ حَكِيم”أي أنّهُ يكونُ تقسِيمُ القَضَايا التي تَحدُث للعَالم مِن تِلكَ اللّيلةِ إلى مِثلِها في العَامِ القَابِل،وليسَ كمَا يقُولُ بعضُ النّاسِ مِن أنّ ليلةَ النِّصفِ مِن شَعبانَ هيَ اللّيلةُ التي تُوزَّعُ فيها الأرزاقُ لهذِه السّنَةِ إلى أنْ تَأتيَ اللّيلةُ التي هيَ في شَعبانَ القَابِل،وهيَ اللّيلةُ التي يُبيَّنُ فيها ويُفَصَّلُ فيها مَن يمُوتُ في هذِه المدّةِ ومَن يُولَدُ في هذِه المدّةِ إلى غَيرِ ذَلكَ مِنَ التّفاصِيل مِنْ حَوادِث البَشَر،نَقُول تُرجمانُ القُرءان عبدُ الله بنُ عَبّاس قالَ إنّ تلكَ اللّيلةَ هيَ لَيلَةُ القَدْرِ،ولَيلَةُ القَدرِ لا تَكُونُ إلا مِن رمَضانَ،ليسَت ليلةَ النِصفِ مِن شعبان،معَ ذلكَ لَيلةُ النِّصفِ مِن شَعبانَ لها فضِيلةٌ إذَا إنسانٌ أَحْيا تلكَ الليلةَ بالعِبادةِ فيهِ فائِدةٌ ، عن علي بنِ أبي طالِب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إذَا كانَت لَيلَةُ النِّصفِ مِن شَعبَانَ فقُومُوا لَيْلَها وصُومُوا نهارَهَا “رواه ابنُ ماجَه .
كذلكَ لَيلةُ عِيدِ الفِطْر كذلكَ ليلةُ عِيدِ الأضحَى مَن أَحياها بالعبادةِ كانَ لهُ فَضْلٌ،لكن لا نقُولُ إنها هيَ اللّيلة التي يُفرَقُ فيها كلُّ أَمرٍ حَكِيم.