إنّا أَنزَلنَاهُ في لَيلةٍ مُبارَكَةٍ
وهذا الذي يَرويهِ بَعضُ النّاسِ مما يُقرأُ في عَددٍ كثِيرٍ مِنَ البُلدانِ سُوريا ولبنان وفِلَسطين في ليلةِ النِّصفِ مِن شَعبان مِن قَولِ اللهُمَّ يا ذَا المنّ ولا يُمَنُّ عَليكَ إلى ءاخِره لا يَثبُت عن صَحابيّ مِن أصحَابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم،لا عن عُمَر ولا عن غَيرِه مِنَ الصّحابةِ، وإنْ كانَ رُويَ أنّ عمرَ كانَ يَقرأُ بَعضًا منهُ،بعضُ هذَا اللّفظِ رُويَ لكنْ غَيرُ ثَابت،وكذلكَ يُروَى عن مجاهِدٍ أنّهُ قالَ بَعضَ هذا اللفظِ،هَذا مجاهِدٌ مِنَ التّابعِينَ،أَخَذَ العِلمَ عن عبدِ اللهِ بنِ عَبّاس،لم يرَ الرّسولَ.وكذلك يُروى عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعُود صاحِبِ رسولِ الله،كذَلك يُروى عن رجلٍ ءاخَر مِنَ التّابعِينَ،يُقالُ لهُ شَقِيقُ بنُ عبدِ الله،عن كُلٍّ مِن هؤلاءِ الأربَعَةِ يُروَى لكنْ ليسَ ثَابتًا،ثم إنّ الذي رُوِيَ عن هولاءِ الأربعَةِ عمرَ بنِ الخَطّاب ومجاهِد وعبدِ الله بنِ مسعُود وشَقِيق بنِ عبدِ الله بعضَ هذا اللّفظ،ليسَ كُلَّه،المرويُّ عنهم بَعضُ هذا اللفظِ ليسَ جميعَه، فلا تُصَدِّقُوا بهِ،لأنّه خِلافُ الواقع،لأنّ الليلةَ التي يُفرَقُ فيها كُلُّ أمرٍ حَكِيم هيَ لَيلةُ القَدْر،
ليلةُ القَدْرِ في الغَالبِ تُصَادِفُ ءاخِرَ رمضَان،أَواخِرَه،ليلةَ سَبعٍ وعِشرِين أو ثلاثٍ وعِشرينَ أو ليلةَ إحْدَى وعِشرِين،وقَد تَحدُث في الشَّفْعِ أي غَيرِ الوِتْر،
ليلةَ أُنزِلَ القرءانُ دَفعةً واحِدةً مِنَ الذِّكر أي اللوح المحفوظِ إلى السّماءِ الدُّنيا إلى بيتِ العِزّة،كانت تلكَ الليلة ليلةَ أربعٍ وعِشرينَ مِن شَهرِ رمضَانَ،على أنّهُ في ذلكَ الوقتِ لم يُفرَض رمضان ولا الصّلواتُ الخمس،لأنّ ذلكَ كانَ أوّلَ ما بُدِئ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالوَحيِ بواسِطة ِجِبريلَ علَيهِ السّلام عليهِ وعلى نبِيِّنا أفضَل السلام.
قالَ ابنُ عباسٍِ رضي الله عنهُما في قولِه تعالى:إنّا أَنزَلنَاهُ في لَيلةٍ مُبارَكَةٍ“هيَ ليلةُ القَدْر.
هذهِ الآيةُ وءايةُ سُورةِ القَدْر مَعناهما واحِدٌ،لكنّ ءايةَ سورةِ القَدْر أَوْضَح لأنّ لَيلةَ نزولِ القُرءان هيَ ليلةُ القَدْر،حيثُ إنّ اللهَ تَعالى قال في سورةِ القَدْر:إنّا أَنزَلناهُ في ليلةِ القَدْر”هناكَ عَبّر عنها بلَيلةٍ مُباركةٍ والمرادُ واحِد.فلا يجوزُ أن يُقالَ إنّ ليلةَ القَدْر لا تكونُ إلا ليلةَ سَبعٍ وعِشرينَ أو خمسٍ وعِشرينَ أو سبعةَ عشَر،بل الأمرُ الصّحيحُ أن يقالَ إنها يجُوز أن تُصادفَ أيّةَ ليلةٍ مِنْ رمضَانَ،يجُوزُ أن تُصادِفَ أوّلَ ليلةٍ مِن رمَضانَ ويجُوز أن تُصادِفَ الليلةَ الثّانيةَ ويجُوز أن تُصَادفَ اللّيلةَ الثّالثةَ إلى ءاخِر الشّهر،فيَنبغِي للمؤمِن أن يجتَهِدَ في طَاعةِ اللهِ تَعالى في كُلّ رمضانَ لأنّ الثّوابَ فيهِ أعظَم مِن سائِر الشّهور،ثوابُ قيامِ اللّيلِ في رمَضانَ أعظَم مِن ثوابِ قِيامِ اللّيلِ في غَيرِ رمضَان.