يَتعَاقَبُونَ عَليكُم مَلائكةٌ باللّيلِ ومَلائكةٌ بالنّهار ، ويجتَمعُونَ في صَلاةِ الصُّبحِ وصَلاةِ العَصر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ : ( يَتعَاقَبُونَ عَليكُم مَلائكةٌ باللّيلِ ومَلائكةٌ بالنّهار ، ويجتَمعُونَ في صَلاةِ الصُّبحِ وصَلاةِ العَصر ، ثم يَعرُج الذينَ باتُوا فِيكُم ، فيَسأَلهُم اللهُ وهوَ أَعْلَمُ بهِم ، كيفَ تَركتُم عِبادِي ؟ فيقُولونَ : تَركناهُم وهُم يُصَلُّونَ ، وأَتَيْنَاهُم وهُم يُصَلُّون ) . متفق عليه.كُلّ يَوم يَنزِلُ فِينَا مَلائِكةٌ يتَعَاقَبُونَ،العَصر الذينَ يَبِيتُونَ مَعَنا يَنزلُونَ مِنَ السّماءِ والذينَ بَاتُوا فِينا العَصر يَصعَدُونَ،ثم يكونُ اجتِماعُ الفَريقَين الصّبح،هؤلاءِ نَزلُوا وهؤلاءِ يَصعَدُونَ،ولا يَتعَبُونَ مِنْ قَطْعِ هَذِه المسَافةِ البَعِيدةِ،لا يَلحَقُهم أَدْنى تَعب.
اللهُ تَعالى قال عن البَشَر:”وخُلِقَ الإنسانُ ضَعِيفًا“ومَع ذَلكَ فَضّلَ اللهُ البشَرَ عَلى الملائكةِ وعَلى الجِنّ،لأنّ البشَرَ فِيهِم أَنبِياء،أمّا الجِنّ فلَيسَ فِيهِم أَنبياء.
أيّام مُوسَى كانَ جِِنّ مؤمنونَ بموسى،ثم في أيّام عِيسَى كانَ جِنّ مؤمِنونَ بعِيسَى مُتّبِعينَ لهُ عَلى شَريعَتِه.
اللهُ تَعالى خلَقَ عَوالمَ كثِيرةً فالملائكةُ عَالَمٌ والجِنُّ عَالَمٌ والإنسُ عَالَمٌ،هؤلاءِ عَوالمُ ذَوُو العُقول،أمّا البَهائمُ لَيسُوا مِن ذَوِي العُقولِ،هُم مِن عَوالِم اللهِ تَعالى لكنّهُم لَيسُوا مِن ذَوِي العُقولِ،مَعَ ذَلكَ يَجُوزُ أَن يَخلُقَ اللهُ تَعالى في بعضِ المخلُوقاتِ التي هيَ مِنَ الجمَاداتِ النُّطقَ والإدراكَ،قَد يَخلُق في بَعضِ البَهائِم وفي بَعضِ الجمَاداتِ الإدراكَ والنُّطقَ،النُّطقَ الصّحيحَ الذي نحنُ نَفهَمُه،أمّا النّطقُ الذي نحنُ لا نَعلَمُه إنما يَعلَمُه مَنْ خَصَّهُ اللهُ بمعرِفتِه كسليمَانَ،سليمانُ علَّمَهُ اللهُ تَعالى مَنطِقَ الطّيرِ،كانَ يَفهَمُ مِنَ الطَّيرِ مَنطِقَها.
أمّا الشّجرةُ يُنطِقُها اللهُ تَعالى في مُعجِزةٍ لنَبيّ،إذَا أَرادَ اللهُ تَعالى إظْهارَ مُعجِزةٍ لنَبِيّه صلى الله عليه وسلم يُنطِقُ الشّجَرَ والحجَرَ،كانَ سَيِّدُنا عليّ رضيَ اللهُ عنهُ معَ النّبيِّ في بَعضِ جِبالِ مَكّةَ قالَ عَلِيٌّ فمَا استَقبَلَنا حَجرٌ ولا شَجَرٌ إلا قال السّلامُ عَليكَ يا رسولَ الله،كانَ عَلِيّ يَسمَعُ بأُذنِه سَلامَ الشّجَرِ والجبَل،هذه حالاتٌ خَاصّةٌ يُنطِقُ اللهُ تَعالى الجمَادَ فيهَا،يَخلُقُ في الجَمادِ الإدراكَ لكنْ بدُونِ رُوح،مِن دُونِ رُوح اللهُ تَعالى قَادرٌ أن يَخلُقَ الإحساسَ والإدراكَ والمعرفَةَ والنُّطقَ،مِن دُونِ أن يَجعلَ فيهِ رُوحًا،ليسَ الرّوحُ شَرطًا عَقلِيّا ولا شَرعِيّا للإحساسِ والإدراكِ والنُّطقِ،إذَا شَاءَ اللهُ تَعالى أن يُنطِقَ شَجَرًا أو حَجَرًا يُنطِقُ،وقَد حَصَل.
ومِن ذلكَ أنّ العَباسَ بنَ عبدِ المطّلِب عَمَّ الرسولِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ الرّسولُ ذاتَ يَومٍ إليهِ قال لهُ:أنتَ وأَبناؤكَ لا تُفارقُوا المنزلَ حتى أَعُودَ إلَيكُم،ثم جاءَهُم قال لهم” السّلامُ عَليكُم كيفَ أَصبَحتُم“،قالوا وعلَيكُم السلام ورحمةُ اللهِ وبرَكاتُه يا رسولَ الله،ثم قالَ لهم“تَدانَوا“أي اقتَربُوا،لِيَقتَرِبْ بَعضُكم مِن بَعض،فتَدانَوا،فوضَعَ علَيهِم مُلاءةً،وهيَ ثَوبٌ مِن قِطعةٍ واحِدةٍ عَريضَة،مَدّه عَليهِم وقال:اللَّهُمّ استُرهُم مِنَ النّارِ كسَتْرِي إيّاهُم بمُلاءَتي هَذِه“فَأمَّنَتْ أُسكُفّةُ البابِ والجُدران،الأُسكُفّةُ هيَ العَتَبةُ،قالت الأُسكُفَّةُ ثَلاثًا ءامِينَ ءامِينَ ءامِينَ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”اللهُمّ هولاءِ أَهلُ بَيتي استُرهُم مِنَ النّار كسَتْرِي إيّاهُم بملاءَتي هَذِه”رواه الطبراني في المعجم الكبير.
الله تعالى بقُدرتِه خَلَق صَوتًا في الأُسكُفَّةِ والجُدران،جُدران البيتِ الذي كانُوا فيهِ.
هَذا العَباس رضي الله عنه كانَ أَفضَلَ أَعمَامِ الرّسول بعدَ حمزةَ فِيمَا نَعتَقِدُ،كانَ لهُ أولادٌ عشَرةٌ ذُكُورٌ أَوّلهُم الفَضلُ وءاخِرُهم تمّام،لمّا رزَقَهُ اللهُ العشَرة قَال:
تمُّوا بتَمّامٍ فصَارُوا عشَرة
يا ربِّ فاجْعَلهُم كِرامًا بَرَرَة
الله تعَالى استجَابَ دُعاءَهُم فكانُوا كلُّهم مِن خِيارِ الناس يكفِي أنّ مِنهُم عبدَ الله بنَ عبّاس تَرجُمان القرءان رضي الله عنه.
والحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن،اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى ءاله وشرّف وكرَّم،ربّنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار،اللهم قنا شرّ ما نتخوف،ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا،والحمد لله رب العالمين وصلى الله على النبي وءاله.