حكم تعاطي الطِّب لمن لا يَعرِف و أنّ الاستِرسالُ في هذا مِنَ الكبائرِ
قال الشيخ رحمه الله: فَقد أجمعَ العلَماءُ على أنّهُ لا يجوزُ مُعَاطاةُ الطِّبِّ لعِلاجِ المرضِ لمنْ لَيسَ لـهُ خُـبرَةٌ ولم يكن منَ الأطِباء، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: مَن تَطَبَّبَ ولم يُعرفْ بهِ فَهُوَ ضَامِنٌ“، رواه أبو داودَ في السننِ
ومعنى الحديثِ أنّ مَن لا يَعرفُ خَصائصَ الأدويةِ وأحوالَ الأمراضِ مع اختلافِ الأوقاتِ يحرمُ عليه أن يُباشِرَ علاجَ المرضِ بالأعشابِ ونحوِها.
وهذهِ المعرفةُ تأتي بالتّلقِّي مِن أهلِ المعرفةِ الذينَ يَعرفُونَ طَبائعَ الأمراضِ والأدويةِ من حَرارةٍ وبُرودةٍ ويُبوسةٍ ورُطُوبةٍ واختِلافِ الأزمانِ بالنّسبةِ للأمراضِ والأدويةِ، فيَحرمُ الاعتمادُ على مُطالعةِ كتبِ الطِّبِ في معَالجةِ الأمراضِ مِن غيرِ ذلكَ الشّرطِ المتقَدِّمِ، والاستِرسالُ في هذا مِنَ الكبائرِ لأنّ فيه التعرُّضَ لإتلافِ النُّفوسِ والأبدانِ فمَن تَعرَّضَ لذلكَ فلْيَتُب إلى الله ومَن أخَذ أُجرةً على ذلك لم تحِلََّ لهُ تِلكَ الأجرةُ.
وبيعُ الدّواءِ للمَريضِ ليستَعمِلَهُ وهوَ لَيسَ لـهُ هذِه الخُبرةِ حَرامٌ عليه إلا إذا باعَهُ ليَعرِضَهُ على الطّبيبِ ليُراجِعَه ثم يستَعمِله فإنّه يجوزُ، وكثيرٌ مِن َ الناسِ تعَاطَوا الطِّبَ مِن غَيرِ مَعرفةٍ فحصَلَ على أَيدِيهِم تَلفٌ، فَويلٌ لمن تَعرَّضَ لهذا وهو ليسَ به خُبرةٌ كافِيةٌ، ولا يقُل مَن لا يعرِفُ الطِّبَ ولا قَواعدَه أنَا أصِفُ الدّواءَ بناءً على استشارةِ طَبيبٍ على التِّلفون بدونِ أن يراهُ أو يُـعاينَه الطّبيبُ، فإنّ الطّبيبَ قَد يَصِفُ بِناءً على الوصْفِ الذي يُعطَى لهُ ولَو عَايَنَ الطّبيبُ لاخْتَلفَ عندهُ تَشخِيصُ المرضِ ولَوَصَفَ لهُ دواءً غَيرَ المذكورِ
وقال ابنُ حجرٍ قال الأطباءُ: كُتُبُنا سمومٌ قاتِلَةٌ.
أي لمن ليسَ مِن أَهلِ الفَنِ، أي لمن يَعتَمدُ على كتُبِ الطِّبِ ويُداوي الناسَ أو يداوي نفسَهُ كأنّه يُعطِي لغَيرهِ السُمَ أو يَتناولُ السُّمَ، أي أنّ الدّواءَ الواحِدَ قَد يَنفعُ في وَقتٍ ولا ينفعُ في وقتٍ أو قَد يَضُرُ شَخصًا وينفعُ شَخصًا لاختِلافِ أحوالِهِما.
اللهُمّ علِّمنَا ما جهِلنا وذكِّرنا ما نَسِينا وانفَعنا بما علَّمتَنا وزِدنا عِلما، واجعَلْ أعمَالَنا ونياتنا خالصةً لوجهكَ الكريم، وارزقنا الجنة وما قربَ إليها مِن قولٍ أو عمَل وأجِرنا مِن نار الجحيم يا ربّ العالمين