البدعة

Arabic Text By Aug 13, 2010

 

البدعة

 

تعريفها:

لغة: ما أُحدِثَ على غيرِ مِثالٍ سابق.

شرعًا: المُحدَثُ الذي لَم ينُصَّ عليه القرءان ولا الحديث.

 

 

أقسامها

 

 

 

البدعة الحسنة

 

البدعة السيئة

 

 

۱- البدعة الحسنة: وهي المُحدَثُ الذي يوافقُ القرءانَ والسنَّة.

۲- البدعة السيئة: وهي المُحدَثُ الذي يُخالِفُ القرءانَ والحديث.

  

الأدلة على ذلك :-

 

  • ·         أولاً من القرءان :

    قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا۱ ففي الآيةِ مدحٌ للمؤمنين مِنْ أُمّةِ سيدنا عيسى عليه السلام لأنهم كانوا أهلَ رحمةٍ ورأفةٍ ولأنهم ابتدعوا الرَّهبانيةَ وهي الانقطاع عن الشّهوات المباحة زيادةً على تجنُّبِ المحرّمات، حتى إنهم انقطعوا عن الزِّواج وتركوا اللّذائذ وأقبلوا على الآخرةِ إقبالاً تامًّا. فقوله: ﴿مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللهِ﴾ فيه مدحٌ لهم على ما ابتدعوا فكانوا يَبنُونَ الصَّوامِعَ (أي بيوتاً خفيفة من طينٍ أو غير ذلك) على المواضع المنعزلة ليتجرّدوا للعبادة، ثم جاءَ بعدَهم أناسٌ قلّدوهم مع الشّرك وتشبهوا بأولـٰئك بالانقطاع عن الشهوات قال تعالى: ﴿فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾ لأنهم لَم يلتزموا بالرّهبانيةِ الموافِقَةِ لشرعِ عيسى كما التزمَ أولئِكَ السابقون.

فيؤخذ من الآية أن من عمل عملاً يوافق الشرع لا يكون بدعة مذمومة بل يثاب عليه ويسمى بدعة حسنة.

 

  • ·         ثانيًا من الحديث :

قال الرسول : (( من سن في الإسلام سنةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها بعدَهُ من غير أن ينقص من أجورهم شئ، ومن سن في الإسلام سنةً سيئةً كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعدِهِ من غير أن ينقص من أوزارهم شئ )) رواه مسلم.

فإن قيل: هذا معناهُ مَنْ سَنَّ في حياةِ الرسول فقط، فالجوابُ أن يقال: ((لا تَثبُتُ الخصوصِيَّة إلا بدليلٍ)) فالرسول لم يقل مَنْ سنَّ في حياتي ولا قال مَنْ عمل عملاً أنا عملتُهُ فأحياه، والإسلام لم يكن مقصورًا على الزَّمَنِ الذي كان فيه الرسول فبطلَ زعمهم.

فإن قالوا: إن الحديثَ سببُهُ أن أناسًا شديدي الفقر كانوا يَلبَسونَ النّمار۱ جاؤوا فتمعر وجهُ الرسول لِما رأى مِنْ بؤسهم فتصدَّق الناس حتى جمعوا لهم شيئاً كثيرًا فتهلل وجه رسول الله فقال: ((مَنْ سَنَّ في الإسلام سنة حسنة…..))،الحديث….

فالجواب: ((العبرةُ بعمومِ اللَّفظِ لا بِخصوصِ السَّبب)) كما ذكرَ علماءُ الأصول وذلك كحديثِ: ((ابدأوا بما بدأَ الله به)) فهذا الحديثُ وإن كان واردًا في السعيِ للبَدءِ بالصّفا فإنه عامّ المعنى له ولغيرِهِ لأنَّ العبرةَ بعمومِ اللّفظِ لا بخصوص السبب.

 

وأمـا الحديث الذي فيه: ((وكل مُحدَثَةٍ بدعة وكل بدعة ضلالة)) فلا يدخل فيه البدعة الحسنة لأن هذا الحديث من ((العامّ المخصوص)) أي أنَّ لفظَهُ عام ولكنّه مخصوصٌ بالبدعَةِ المخالفة للشريعة بدليل الحديث الذي رواه مسلم السابق الذكر، وذلك لأن أحاديثَ الرسول تتعاضد ولا تتناقض، وذلك لأن تخصيص العام بمعنًى مأخوذ من دليل نقلي أو دليل عقلي مقبول عند جميع العلماء. والمثال على اللفظ العـام والخـاص بالمعنى قولـه تعـالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ﴾ وتَخصيص العـام في هذه الآية قولـه تعالى: ﴿وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾.

 

       وكذلك يُعلم أنّ البدعة تنقسم إلى قسمين مِنْ حديثِ البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللهr : ((مَن أحدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ)) فالمحدث إنما يكون مردودًا إذا كان على خلاف الشريعة، وأن المحدث الموافق للشريعة ليس مردودًا.

 

 

  • ·         ثالثاً من أقوال العلماء :

 

قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: ((المحدثات من الأمور ضربان، أحدهما ما أحدث مما يخالف كتابًا أو سنةً أو إجماعًا أو أثرًا فهذه البدعة الضلالة، والثانية ما أحدث من الخير ولا يخالف كتابًا أو سنةً أو إجماعًا وهذه محدثة غير مذمومة)) رواه البيهقي بالإسناد الصحيح في كتابه مناقب الشافعي.

فالكتاب أي القرءان، والسُّنة أي الحديث، والإجماع أي إجماع مجتهدي أمة محمد وتعريفه هو: اتفاقُ مُجتهدي أمة محمد على أمرٍ مِنْ أمورِ الدّين في عصرٍ مِنَ العصور، وقد يخالِفُ أحد المجتهدين كلامُ الجمهور ولا يكون كلامه معتبرًا فقد قال أهل العلم:

وليس كلُّ خلافٍ جاءَ مُعتَبرًا       إلا خلافٌ لـه حظٌّ مِنَ النظر

والأثرُ معناه ما ثبتَ عن الصَّحابةِ ولم يُنكر عندهم.

 

قال الحافظ النووي في كتابِ تهذيبِ الأسماءِ واللُّغاتِ ما نصُّه: ((قالَ الإمامُ الشيخ المُجمَعُ على إمامَتِهِ وجلالتِهِ وتَمكّنِهِ في أنواعِ العلومِ وبراعتِه أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام : البدعة منقسمة إلى: واجبة ومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة. قال: والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، أو في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب فمندوبة، أو المكروه فمكروهة، أو المبـاح فمباحة )).

 

قال ابن عابدين وهو من الحنفية في ردِّ المُحتار على الدرِّ المُختار: ((فقد تكون البدعة واجبة كنصب الأدلة للرد على أهل الفرق الضالة، وتعلم النحو المفهم للكتاب والسنة، ومندوبة كإحداث نحو رباط ومدرسة وكل إحسان لم يكن في الصدر الأول، ومكروهة كزخرفة المساجد، ومباحة كالتوسع بلذيذ المآكل والمشارب والثياب)).

 

 

  • ·         رابعًا من فعل الصحابة :

 

أحدث سيدنا عمر رضي الله عنه في التلبية فزاد: ((لبيك اللهم وسعديك، الخير في يديك، والعمل والرغباء إليك)). فلم يعب عليه أحد من الصحابة لأنه زاد على تلبية رسول الله شيئًا يوافقها.

وأيضاً قام سيدنا عمر بجمع الناس على صلاة التراويح في رمضان وكـان أيام الرسول يصلونها فرادى وقال عمر: ((نعمَتِ البدعَةُ هذه)) رواه البخاري في الصحيح.

 

– عبد الله بن عمر زاد في التشهد ((وحده لا شريك له)) وقال: أنا زدتها. رواه أبو داود.

 

وعثمان بن عفان أحدث أذاناً ثانيًا يوم الجمعة ولم يكن هذا في أيام الرسول وما زال الناس على هذا الأذان إلى اليوم وقد روى ذلك عن عثمان البخاري في صحيحه أيضًا.

 

–      وكذلك أحدث الصحـابي الجليل خبيب بن عدي ركعتين عند القتل، فقد روى البخاريُّ أنّ خُبيبَ بنُ عديّ حينَ أسرَهُ المشركونَ وأرادوا قتلَه قال لهم: ((أمهلوني حتى أصلي ركعتين)) فأمهوهُ فصلّى ثم قال:

 

فلَستُ  أُبالِي  حينَ  أُقتَلُ  مُسلِمًا

 

على  أيّ  جنبٍ كانَ للهِ مصرعي

و ذلك في ذاتِ الإلـٰهِ و إن يشأ

 

يُبارك  على  أوصالِ شِلوٍ مُمَزّع

 

ثم قال: ((اللهم بلّغ عنا نبيك)) ثم قتلوه، فقال أبو هريرة: ((فكان خُبَيبٌ أوّل مَن سنَّ الركعتين عند القتل)).

 

هذا الذي ذكر هنا بعض الأمثلة عن البدعة الحسنة ويتبين من هذا أن من خالف هذا فهو شاذ مكابر لأن مؤدى كلامه أن الصحابة الذين بشروا بالجنة كعمر وعثمان كانوا على ضلال.

 

 

  • ·         خامسًا من أفعال التابعين :

 

تنقيطُ التابعي الجليل يحيى بنُ يَعمَر المُصحف وكان من أهل العلم والتقوى، وأقرَّ ذلك العلماء من مُحَدّثين وغيرهم واستحسنوه، ولم يكن منقّطًا عندما أملى الرسول على كتَبَةِ الوحي، وكذلك عثمان لَمَّا كتب المصاحف الخمسة أو الستة لم تكن منقطة، ومنذ ذلك التنقيط لم يزل المسلمون على ذلك إلى اليوم، فهل يقال في هذا إنه بدعة ضلالة لأن الرسول لم يفعله؟! فإن كان كذلك فليتركوا هذه المصاحف المنقطة أو ليكشطوا عنها التنقيط لتعود مجرّدةً منها. قال أبو بكر ابن أبي داود صاحب السنن في كتابه المصاحف: ((أول من نقط المصحف يحيى بن يَعمَر)) وهو من علماء التابعين روى عن عبد الله بن عمر وغيره.

 

– الاحتفال بمولد النبي في شهر ربيع الأول وأول من أحدثه الملك المظفر ملك إربل في القرن السابع الهجري في أوائل الستمائة للهجرة، وكان عالماً تقياًّ شجاعًا ووافقه على ذلك العلماء والصوفية الصادقين في مشارق الأرض ومغاربها منهم الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني وتلميذه الحافظ السخاوي وكذلك الحافظ السيوطي، وللسيوطي رسالة سماها: ((حُسن المقصد في عمل المولد)) قال تعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾۱.

 

وأول من أحدث الهمزات والشدات في المصحف هو الحسن البصري.

 

إحداث عمر بن عبدالعزيز للمحاريب المجوفة والمآذن في ءاخر القرن الأول الهجري وأقره المسلمون على ذلك.

 

كتابة صلى الله عليه وسلم عند ذكر اسم الرسول عقبه فإن الرسول لم يكتب صلى الله عليه وسلم عقب اسمه في كتابه إلى هرقل كما أورده البخاري في صحيحه وفي كتابه إلى كسرى وغير ذلك، ثم جرى عليها عمل المسلمين.

 

الصلاة على النبي جهرًا عقب الأذان، فقد ثبتَ حديثٌ رواه مسلم: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا علي)) رواه الحافظُ أبو يَعلى والحافظ السخاوي في كتابه القول البديع في الصلاة على النبي الشفيع وقال: ((لا بأس بإسناده)).

 

أحدث العلماء شيئاً يقال له التعريف وهو اجتماعُ الناس يوم عرفة ويدعون كما يفعل الحجاج في عرفة، روى ذلك جماعة من العلماء منهم الحسن البصري والنووي.

 

– ما أحدثه بعض الصالحين ومنها الطرق التي أحدثها بعض أهل الله كالرفاعية والقادرية وهي نحو أربعين طريقة، فهذه البدع أصلها حسنة ولكن شذ بعض المنسبين إليها وهذا لا يقدح في أصلها.

 

   المحدثات من الذين خرجوا عما كان عليه الصحابة :-

 

       ۱- في أمور العقيدة:

  • كعقيدة المشبهة القدماء من الكرامية.

 

  • ومن القدماء المعتزلة القائلين بأن العبد يخلق أفعاله والخوارج القائلين بكفر من سواهم. والمتأخرين كحزب التحرير وأتباع سيد قطب، فإن من الخوارج القدماء كان أناس يقال لهم البيهسية يقولون إذا حكم الملك بغير الشرع كفر وكفرت الرعية من تابعه في الحكم ومن لم يتبعه، وفرقة سيد قطب أحيوا في هذا العصر هذه العقيدة ولا يستثنون أحدًا من الرعية إلا من قام يثور كما تشهد عليهم أعمالهم في مصر والجزائر والشيشان وغير ذلك. وكل من هؤلاء يتعلقون بآيات فهموها على غير وجهها وظنوا أن ما هم عليه هو الحق ولم يدروا أن القرءان ذو وجوه كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه, تأتي الكلمة الواحدة لمعنين ولأكثر من حيث اللغة فبعض هذه المعاني يصح تفسير القرءان بها والبعض الآخر لا يصح.

 

۲- البدع العملية :

  • من البدع العملية المخالفة للفرءان والسنة معاقبة من طبع كتاباً ألفه غيره بدون إذنه بالتغريم أو الحبس يكتبون في النسخة التي يطبعها المؤلف [جميع الحقوق محفوظة للمؤلف أو الناشر] وهذه من البدع المخالفة لم يفعلها أحد من السلف ولا من الخلف إنما أحدثت  منذ نحو مائتي سنة اتباعاً للأوروبيين، ولو كان جائزاً لكان السلف أحوج للعمل به لأنهم كانوا يتعبون عند تأليفهم تعباً كبيراً، كان المؤلف يستعمل القلم الذي يبريه بيده وكلما انكسر يبري غيره حتى إنه كان يتكوم عندهم من براية الأقلام الشىء الكثير وكانوا يعملون الحبر بأيديهم ومع ذلك ما فعلوا ذلك الحجر، وقد احتج بعض هؤلاء المبتدعين بأنه أتعب أفكاره في تأليفه.

 

  • كتابة ( ص ) أو ( صلعم ) بعد اسم النبي بدل صلى الله عليه وسلم وقد نص المحدثون في كتب مصطلح الحديث على أن كتابة الصاد مجردة مكروه، ومع ذلك لم يحرموها. وكتابة ( صعلم ) أقبح.

 

  • بدعة المتشبهين بالصوفية صورة فإنهم حرفوا اسم الله في مجالس الذكر إلى قولهم ءاه ويعتبرونه اسما من اسماء الله حتى غلا بعضهم فقال هو الاسم الأعظم، وهذا التحريف لم يكن عند شيخ الطريقة أبي الحسن الشاذلي إنما أحدثه شاذلية فاس. 

 

والرد على من زعم أن ءاه اسماً لله:-

 

۱- ءاه ليس اسماً لله بالاتفاق.

 

٢- ما يدعيه بعضهم من أن الرسول قال عن مريض: دعوه يأن فإن الأنين اسم من أسماء الله، فهو حديث مكذوب والعبرة بتصحيح الحافظ كما قال الحافظ السيوطي في ألفيته:

وخُذْهُ حيثُ حافِظٌ عليه نصّ       أو مِنْ مصنَّفٍ بجمعِهِ يُخَصّ

 

۳- اتفق الفقهاء على أن من يقول ءاه في الصلاة عمدًا تبطل صلاته، فلو كان ءاه اسماً لله ما بطلت الصلاة لأن ذكر الله لا يبطل الصلاة بالإجماع.

 

٤- الأنين ألفاظه عدة في اللغة ءاه وأواه وغير ذلك، فمن أين لهم أن ءاه فقط هي اسم لله على زعمهم.

 

٥- أسماء الله توقيفية ولم يرد في أي نص أن ءاه اسم من أسماء الله.

 

 

 

 

 

 

 


۱ – سورة الحديد ءاية ۲٧.

۱ – النمار شئ من صوف خرقوا وسطه وأدخلوه على رؤوسهم ليس معه شئ غيره يلبسونه.

۱ – سورة الأنبياء.