الجنة ونعيمها
قال الله تعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السمواتُ والأرضُ أُعدت للمتقين}هذه الآية فيها أن الله تعالى خلق الجنة وهي دارُ السلام أي دارُ النعيم المقيم الدائم والنعيم فيها قسمان:نعيمٌ لا ينالهُ إلا الأتقياء وهذا معنى ما وردَ في الحديث القدسي الذي رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال :[ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر] وقال أبو هريرة رضي الله عنه اقرؤوا إن شئتم قوله تعالى : {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون}. ونعيمٌ ينالهُ كلُ أهل الجنة ومن هذا النعيم العام ما ورد في الحديث الصحيح: ( إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد : يا أهل الجنة إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا) وقد ورد في الحديث الصحيح:[ أن امرأة قتل ولدُها في سبيل الله فجاءت رسول الله فقالت:يا رسول الله إن كان ابني في الجنة وإلا بكيت بكاء شديدا فقال لها : أهبلت إنها جنان كثيرة وإن ابنك في الفردوس الأعلى] ومعنى قوله عليه السلام : (أهبلت) أي أذهب عقلك وهذا فيه تنبيه لها وليس فيه سبٌ ولا إهانةٌ ولا إيذاء. والجنةُ مكانها فوق السماء السابعة منفصلة عنها وسقفها عرش الرحمن كما وورد في الحديث الصحيح والعرش خلقه الله إظهارا لقدرته ولم يتخذه مكان لذاته كما قال سيدنا علي رضي الله عنه. فالله تعالى ليس حجما بل هو خالق الأحجام كلها فهو موجود بلا مكان والجنةُ درجات وأحسنُ مكان فيها الفردوس الأعلى وهو أعلى الجنة ووسطها قال عليه الصلاة والسلام :[ إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى فإنه أعلى الجنة ووسطها] .
وقد ورد في الحديث الصحيح : [أن في الجنة خيمة من لؤلؤة واحدة طولها في السماء مسيرة شهر للمؤمن فيها أهلون لا يرى بعضهم بعضا] .
وورد في الحديث الصحيح :[ أن يهودياً جاء رسول الله فقال له يا محمد إنك تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون ومن يأكل ويشرب يبول ويتغوط فقال عليه السلام يأكلون ويشربون وطعامهم وشرابهم رشح كالمسك.] معناه : أن أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يخرج منهم بول أو غائط إنما طعامهم وشرابهم عرقٌ يخرج منهم رائحته كالمسك.
والمؤمن بعد دخول الجنة يخلد فيها ولا يخرج منها أبدا والجنة موجودة الآن.
وأحلى نعيم في الجنة يجده المؤمن هو رؤية الله عز وجل فالمؤمنون وهم في الجنة يرون الله تعالى بأعين رؤسهم هم في مكانهم في الجنة والله تعالى موجود بلا جهة ولا مكان لا يكون بينهم وبين الله مقابلة كما يكون بين المخلوق والمخلوق ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته) أن المؤمنين يرون الله تعالى رؤية لا يكون عليهم فيها اشتباه كما أن رائي القمر ليلة البدر لا يشك أن الذي رآه هو القمر أم لا ولم يشبه رسول الله ربنا سبحانه وتعالى بالقمر لأن الله لا يشبه شيئا كما قال الله تعالى : {ليس كمثله شئ} .
وقد روى ابن حبان أن رسول الله قال :[هل مشمرٌ للجنة هي ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد وزوجة حسناء بهية في مقام أبدي في حبرة ونضرة قالوا: نحن المشمرون يا رسول الله قال : قولوا إن شاء الله] . فالجنة ليس فيها ظلام كلها أنوار والشجر فيها أحلى من كل شجر الدنيا قال تعالى :{ قطوفها دانية} إذا أراد المؤمن أن يأخذ من الثمر دنا إليه عرق الشجرة فأخذ الثمرة بدون تعب وقصور الجنة بعضها لبنة من ذهب ولبنة من فضة ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (في حَبرة ونَضرة) أي في سرورٍ ووجوههم حسنة .قال الله تعالى : {وجوهٌ يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}الله يجعلنا من أهل الجنة…..