أعظمَ نِعمِ اللهِ على عبادهِ الإسلامُ على مذهبِ أهلِ السُنةِ والجماعة
عن أبي مالك الأشعري عن رسول الله أنه قال:لَيشربنّ أناس من أمتي الخمر يُسمّونها بغير اسمها ويُضرب على رؤوسهم المعازف والمغنّيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير(10/221من السنن الكبرى للبيهقي)
الفرقةُ الناجية
الحمدُ للهِ وبعد فإن أعظمَ نِعمِ اللهِ على عبادهِ الإسلامُ على مذهبِ أهلِ السُنةِ والجماعة لأنَ مذهبَ أهلِ السُنة والجماعة هو ما كانَ عليهِ الرسولُ والصحابة ثُم تناقلهُ المُسلمون خلفاً عن سَلف أي من عصرهِ صلى الله عليه وسلم إلى وقتِنا هذا ولا يزالُ مذهب أهلِ السُنة هو عقيدة جمهورِ الأمة إلى يومِ القِيامة أما ما سوى مذهبِ أهلِ السُنة فإنها تنقرِضُ. حدثَ فيما مضى نحو اثنتينِ وسبعينَ فرقة كلٌ يدعونَ الإسلام شذوا عما كان عليهِ الصحابة ومن تبعهم من جمهورِ الأمة ثُم انقرضوا ثُم نبغت طائفتانِ بل أكثر من طائفتينِ من نحو سبعين سنة تَدّعي الإسلام وهُم ليسوا على الإسلام لأنهم خالفوا الصحابة ومن تَبعهم إلى عصرِنا هذا من هؤلاءِ أدعياءُ السلفية المُشبهة المُجسمة اتباعُ رجُلٍ ظهرَ منذ نحو مائتينِ وستينَ سنةٍ تقريباً لبدعةٍ ادعاها ديناً وهي ليست من الدين يُقال لهُ مُحمدُ بنُ عبدِ الوهّاب وفرقةٌ اخرى اتباع سيد قطُب المصري وهذه الفرق مضى عليها نحو سبعين سنة و فرقة اخرى يُقال لها التحريرية كذلِك مضى عليها نحو سبعينَ سنة كل هؤلاء مُخالفون للقرءان والحديث.
اما نحنُ فالحمدُ لله فعلى ماكان عليهِ الصحابة ومن تَبعهم الى يومنا هذا نحنُ مع جمهور الأمة لسنا شاذين, وكان الخُلفاء والسلاطين على مذهبِ أهلِ السنة ومنهُم السلطان صلاح الدين الأيوبي المتوفى سنة تسعين وخمسمائة من تاريخ الهجرة النبوية كان رضي اللهُ عنهُ سُلطاناً عادلاً وكانَ حافظاً للقُرءان و كانَ حافظاً لِكِتاب التنبيه في فقهِ المذهبِ الشّافعي و كان حافظاً كِتاب الحماسة,تَلقى العلم من أهلِ المعرفةِ وكانَ يحضُر مَجالس المُحدثين على العادة القديمة عند عُلماء الحديث وكانَ رضي اللهُ عنهُ اشعري العقيدة وهي التي نحنُ عليها ان الله ليسَ حجماً كَثيفاً ولا حجماً لطيفاً ولا يتَصِف بصفات الحجم, صِفات الحجم اللطيف والكثيف مُستحيلة على الله, الله تباركَ وتعالى ذاته أي حقيقتهُ ليسَ حَجماً لطيفاً أي كالضوءِ والريح وليسَ حجماً كثيفاً كالحجرِ والإنسان والشجرِ والنّجم والشَمس والقمر لانهُ خَالق الكل خالقُ الحجم اللطيف وخالق الحجم الكثيف ما كان في الأزلِ حجمٌ كثيف ولا حجمٌ لطيف ما كانَ ليل ولا نهار ما كانَ هذا الفراغ الذي بين الارض والسماء وبينَ كل سماء وسماء وبينَ السموات الى العرش ما كان موجود الا الله كل هذه الحادثات لم تكن.
الله تَبارك وتعالى هو خالق الحجم اللطيف و الكثيف فليسَ هو حجماً كثيفاً ولا حجماً لطيفاً وليس مُتحيزاً في جهة فوق ولا في غيرها ولا متحيز في جميع الجهات كل ذلك مستحيل ٌعلى الله لأنهُ لو كانَ كذلك لكانَ لهُ أمثال والقرءان الكريم يقول :{ليس كمثلهِ شئ}معناهُ: لا يُشبه شيئاً من العالمِ بوجهٍ من الوجوه ثُم كما أن ذاتهُ أي حقيقتهُ لا يُشبهُ شيئاً كذلِك صفاتهُ لا تُشبه صفات غيره هو متصفٌ بالقُدرة والإرادة والعلم والسمعِ والبصرِ والحياةِ والكلامِ هذهِ الصِفاتُ ليست كصِفات الخلق لأن صِفاتهِ لا تزيد ولا تنقُص ولا تنقطع بمرور الزمان في أثناء الزمان لا يدخُلُها تقطع كحياتهِ أي كما أن حياتهُ لا يدخُلها تقطع كذلِك كلُ صفاته لا يدخُلُها تقطع فالله هو الموجود الذي لا يشبه الموجودات موجود بلا مكان ولا جهة ولا يوصف بأوصاف المخلوقين. واللهُ اعلم واحكم
السلطان صلاحُ الدينِ الأيوبي1
السُلطان صلاحُ الدينِ الأيوبي كانَ تقياً عادلاً صالحاً يجوزُ أن يكونُ وصلَ إلى الوِلاية وهو الذي أخرجَ الكُفارَ من بيتِ المقدس بعدَ أن احتلوهُ تسعينَ سنة وهذا لهُ شرفٌ عظيم رضي اللهُ عنهُ وجزاهُ عن الإسلامِ خيراً وكانَ تحت الخليفةِ العباسي كانَ ولي برَ الشام كُلَهُ واليمنَ كُلَهُ بما فيهِ من الإمارات وقطر والبحرين وعُمان والحِجازَ كُلَه ونجداً كُلَهُ وهي البِلادُ التي يُسمى بَعضُها الرياض وبعضُها الدرعية وبعضُها بريدة وولي مِصرَ وكانَ صلاحُ الدين اشعري العقيدة والأشعريةُ أتباعُ الإمام أبي الحسنِ الأشعري كانَ السُلطانُ صلاحُ الدين حافظاً القُرءان وكتاب التنبيه في الفقه الشافعي وهو كِتابٌ كبيرٌ اليوم العُلماء لا يحفظونهُ إلا النادر وكان حافظاً لِكِتابِ الحماسة كانَ أمر المؤذنين بقراءة العقيدةَ الأشعريه على المآذنِ قبلَ الفجرِ من شدةِ اهتمامهِ بهذهِ العقيدة وكانَ أمرَ بتعليمِ كتابِ ألفهُ عالم من عُلماء ذلِك العصر فقدمهُ للسُلطان صلاح الدين فأعجب بهِ السُلطان فقرر تدريسهُ للصِغارِ والكِبار وهو هذا الكِتاب المُسمى العقيدة الصلاحية شُهِرَ بينَ عُلماء أهل السنة بهذا اللفظ لأنهُ قررَ تدريسَ هذهِ العقيدة في المدارِس للصِغار والكِبار قالَ محمد بنُ هبة البرمكي في هذا الكِتاب :
جمعتُها للملكِ الأميـــنِ الناصرِ الغازي صلاح الدين
عزيزِ مِصرَ قيصرِ الشامِ ومن ملكهُ اللهُ الحِجازَ واليمن
ذي العدلِ والجودِ معاً والباسِ يوسفَ مُحي دولةَ العباسِ
ابنِ الأجلِ السـيدِ الكبــيرِ أيوبَ نجمِ الدينِ ذي التدبيرِ
لا زالتِ الأيـامُ طوعَ أمــرهِ والسعدُ يسعى مع جيوشِ نصرهِ
ثُم يقول:
وصانعُ العــالمِ لا يحويهِ قطرٌ تعالى اللهُ عـن تشبيهِ
قد كانَ موجوداً ولا مكانَا وحكمهُ الآن على ماكـانَ
سُبحانهُ جلّ عن المكـانِ وعـزّ عن تغيُرِ الزمانِ
فقد غَـلا وزادَ في الغُـلوِ مــن خصهُ بجهةِ العـلو
وحَصرَ الصانع في السماءِ مُبدعها والعرش فوقَ المــاءِ
وأثبتوا لذاتـهِ التـحيُزَا قد ضَلّ ذو التشبيهِ فيما جوزَا
معنى ذلِك أن خالقَ العالم لا يحويهِ مكان لأنهُ مُنزهٌ عن التشبيه اللهُ تعالى كانَ موجوداً قبلَ المَكان ولم يكُن في الأزلِ فراغٌ ولا سماءٌ ولانورٌ ولا ظلام, اللهُ لا يتغير فكما كانَ موجوداً قبلَ المكانِ بلا مكان لا يزالُ بعدَ خلقِ المكان موجوداً بلا مكانٍ ولا جهة. ويقول إن الله تعالى مُنزهٌ عن أن يكونَ في مكان ومنزهٌ من أن يجري عليهِ الزمان ويقول إن من الغلو أي مُجاوزة الحد أن يصف المرء اللهَ بأنهُ في جهة العلو لأن الجِهات بالنسبةِ إلى ذات الله كلٌ على حدٍ سواء, اللهُ غني عنها وعن سائر المخلوقات ويقول من الغلو أيضا وصف الله بأنهُ يسكُنُ السماء فاللهُ تعالى خالقُ السماء وخالقُ العرشِ وخالقُ كل شئ ويقول : عن هؤلاء المُشبهة الذين أثبتوا التحيُزَ لذاتِ الله ضالونَ فيما جوزوه على الله, هذهِ هي عقيدةُ كل المُسلمين وهي عقيدةُ الرسول والصحابة ومن خالفها فهو من الضالين نسألُ اللهَ السلامة.
والله أعلم وأحكم…….
قال ابن خلّكان رحمه الله :رأيت في بعض الكتب أنّ المأمون بن هارون الرشيد(توفي سنة 218هجرية) كان يقول :لو وصفت الدنيا نفسها لما وصفت بمثل قول أبي نواس
ألا كلّ حي هالك وابن هالك وذو نسَب في الهالكين عريق
اذا امتحن الدنيا لبيب تكشّفت له عن عدوّ في ثياب صديق
1/137 من شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي