من البدعِ السيئة كتابةُ المؤلفينَ والناشرينَ على الكُتُبِ حقوقُ الطبعِ محفوظة
الحمدُ للهِ وبعد فمنِ البدعِ السيئةِ التي هي مُخالفةٌ للشريعة ما اشتهرَ بينَ الناسِ مُنذُ نحوِ مائةٍ أو مائتين سنة وهو كتابةُ المؤلفينَ والناشرينَ على الكُتُبِ حقوقُ الطبعِ محفوظة يُريدونَ بهذا حجر طبعِ هذا الكِتاب على غيرهم إلا أن يكونَ بإذنهِ ومن خالفَ ذلِكَ يرفعونَ عليهِ دعوى ويغرمُ المالَ لهذا الرجُل فإن لم يغرم يُعاقبُ بالحبسِ هذا عملٌ محرمٌ بالإجماع لأنهُ خالف حديثَ الرسول صلى الله عليه وسلم:لا يحلُ مالُ امرئٍ مُسلمٍ إلا عن طيبِ نفسٍ منهُ] وهذا حديثٌ صحيح وهذا الذي يفعلهُ هؤلاءِ مالٌ يؤخذُ من المسلم بغيرِ رِضاهُ بلا حقٍ وكلُ مالٍ يؤخذُ من المسلم بغيرِ رضاهُ فهو حرام إلا أشياءُ استثناها الشرعُ كالزكاةِ اذا امتنعَ صاحبُ المال من دفعها يأخذُ الحاكمُ من مالهِ الزكاةَ قهراً كذلِك اذا امتنع الرجلُ من نفقةِ زوجتهِ وأولادهِ الصِغار من شدةِ بخلهِ الحاكمُ يأخذُ من مالهِ قدر نفقة الزوجةِ والأولاد قهراً كذلك المديونُ اذا امتنعَ من دفعِ الدينِ الحاكمُ يأخذُ من مالهِ ويدفعُ للدائنين حقوقهم قهراً على المديون الذي يمتنعُ من أداءِ حقوقِ الناسِ ديونهم وما كانَ مثلَ هذا مما أذِن بهِ الشرع بأخذِ مالِ المُسلمِ بغيرِ رضاه.
اليوم كثيرٌ من الذينَ يؤلفونَ مؤلفات يسلكونَ هذا المسلكَ المُحرم الذي ابتدعتهُ أوروبا, ما كانَ المسلمونَ في الماضي يفعلونَ هذا بعضُ أهلِ هذا العصر قالَ حين قيل لهُ : لا يجوزُ أن تكتُبَ على الكتب حقوقُ الطبعِ محفوظة وقال أنا أتعبتُ عليهِ أفكاري ما أتى بحُجةٍ شرعية ويُقالُ لهُ ولأمثالهِ:المؤلفونَ الماضونَ كانوا يتعبونَ في تآليفهم أكثرَ من هذا بكثير المؤلفونَ الذين كانوا يؤلفون في النحو أو الفقهِ أو الحديثِ أو اللغةِ ما كانوا يحجُرونَ تآليفهُم على غيرهِ كانَ الذي ينسخُ مؤلفاتٍ ينسخُ نُسخاً كثيرةً لبيعِها أو ينسخُ بالأجرة وكانوا يتعبونَ أكثرَ من اليوم كانوا يصنعونَ الحبر بأيديهم ويبرونَ الأقلامَ بأيديهم وكانوا يكتُبون على ضوء الشمع لأنهُ ما كان في أيامهم ضوءُ الكَهرُباء وبعضُ المؤلفين من أولياء الله كانت تضئ لهم الأشجار التي في حديقةِ الدار.
فالحقُ أن من وصلَ إليهِ كتابٌ نافعٌ بطريق حلالٍ جازَ لهُ أن ينسخَ منهُ نُسخاً ليُهدي من شاء أو يبيع من شاء هذا هو الحق الموافق للشرع وما خالفَ ذلك فهو باطلٌ مخالفٌ للدين .واللهُ اعلم وأحكم.