قال شيخنا رحمه الله ونفعنا به
أصلُ الإسلام مَعرفَةُ الله. مَن عَرَف اللهَ تُقبَلُ حَسَناتُه أمّا مَن لم يَعرف اللهَ لا تُقبَلُ حَسنَاتُه لو حَفِظَ القُرءان. في بلادِنا رَجُلٌ أَعمَى حَفِظَ القُرءانَ جَاءَه وهّابيّ فقَال لهُ أنتُم تَقُولُونَ اللهُ مَوجُودٌ في كُلّ مَكان قالَ نَعم قالَ لهُ إذًا هوَ في بيُوتِ الخَلاء فأسْكَتَه.
اللهُ مَوجُودٌ بلا مَكانٍ. كُلُّ شَىءٍ لوجُودِه ابتِدَاءٌ إلا الله.
وكانَ قَبلَ خَلقِ السّمواتِ والأرض مَوجُودًا بلا مَكَان ثم خَلَقَ السّمَواتِ والأرض. الخَلقُ إمّا مُتَحَرّكٌ وإمّا سَاكِنٌ. اللهُ لا يُوصَفُ بشَىءٍ مِن صِفَاتِ الخَلق. الإنْسَانُ لهُ مِقدَارٌ وحَبّةُ الخَردَلِ كذَلكَ والعَرشُ كذَلكَ فاللهُ تَعالى ليسَ لهُ حَجمٌ، لاحَجْم كَبِيرٌ ولا حَجمٌ صَغِير هَذا معنى “لَيسَ كمِثْلِه شَىء”. هَذه الآيةُ مَعناهَا أنّ اللهَ لا يُشبِهُ الخَلْقَ بوَجْهٍ مِنَ الوجُوه لذلكَ لا يُمكِنُ تصَوُّرُه في العَقلِ لذَلكَ قالَ الإمامُ أحمد بنُ حَنبَل والإمامُ ذُو النّون المصري والشّافعيّ مَهمَا تصَوّرتَ ببَالِكَ فاللهُ بخِلافِ ذلك. الوهّابيّةُ كُفّار يقولونَ اللهُ جَالسٌ على العَرشِ، مَن قالَ اللهُ جَالسٌ على العَرشِ كَافِر لأنّهم جعَلُوه جِسمًا لهُ مِقدَارٌ أي مِقيَاس. كُلُّ مَا خَلَقَ اللهُ لهُ مِقيَاسٌ حتى النّور والظّلام. اللهُ تعالى ليسَ لهُ مِقدارٌ صَغِيرٌ ولا مِقدَارٌ كَبِيرٌ مَوجُودٌ لا يُشبِهُ الموجُودَات ويُقَالُ شَىءٌ لا كالأشياء.
أبو حَنِيفَةَ رضيَ اللهُ عنهُ وُلِدَ سَنةَ ثَمانِينَ مِنْ هِجرَة الرّسولِ إلى المدينةِ ثم أبو حَنِيفَةَ قالَ نَحنُ نَتكَلَّمُ بالآلآتِ والحُروف واللهُ يتَكَلَّمُ بِلا ءالةٍ ولا حَرف، اللهُ كلامُه ليسَ حَرفًا ولا لُغَةً عَربيّةً ولا غَيرَ عَربيّة، أمّا القُرءانُ الذي نَحنُ نَقرؤه بالحَرفِ والصّوت هذا جِبريلُ قَرأَه على النّبيّ، جِبريلُ أخَذَهُ بأمْرِ اللهِ مِنَ اللّوح المحفوظِ ليسَ هوَ أَلّفَه ثمّ قَرأَه على النّبيّ والنّبيُّ قَرأَه على الصّحَابَةِ بالحَرْف والصّوت.
أمّا كَلامُ اللهِ كَلامٌ واحِدٌ لا يَنقَطِعُ كحَياتِه كذلكَ عِلمُه وقُدرَتُه ومَشِيئَتُه وسَمْعُه وبصَرُه، يَرَى الأشياءَ برُؤيةٍ واحِدَةٍ ليسَ لها ابتِدَاءٌ ولا انتِهَاء، دائِمَة لا تَنقَطِع. ورَجلٌ ءاخَرُ في طَرابُلُس شَابّ مَا تَعلَّمَ العقِيدَة قالَ جَاءَني شُيُوعيّ فقَالَ أَنتُم تَقُولُونَ اللهُ مَوجُودٌ في كُلّ مَكَانٍ فقَالَ نَعم فقال إذا هوَ على أطْيَازِنَا فأَسْكَتَهُ.أمّا المنزّه فيَقولُ اللهُ مَوجُودٌ بِلا مَكَان.