قرئ على شيخنا رحمه الله ونفعنا به
عن حُذَيفَةَ رضيَ اللهُ تَعالى عنه قالَ كانَ في لِسَاني ذَرَبٌ على أَهلِي لا يَعْدُوهم إلى غَيرِهم فسَألتُ النّبيَّ صلّى الله عليه وسلم عن ذلكَ، قالَ “أَينَ أنتَ مِن الاستِغفَار فإني لأستَغفِرُ اللهَ في كُلّ يوم مِائةَ مَرّةٍ” قالَ أبو إسحَاق فذكَرَ ذلكَ لأبي بُرْدَةَ وأبي بَكرِ بنِ أبي موسى فقَالا قال رسول الله صلى الله علَيهِ وسلم ” (إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مُرَّةٍ،) أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ” هذا حديثٌ حسَنٌ أخرجَه أحمد.
(قال شيخنا رحمه الله: فَائِدَةٌ قَوْلُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ يَقُولُهُ الإِنْسَانُ أَحْيَانًا لِمَحْوِ التَّقْصِيرِ وَأَحْيَانًا لِلتَّرَقِّي فِي الْمَقَامِ وَأَحْيَانًا لِمَحْوِ الْمَعْصِيَةِ، فَالتَّوْبَةُ لَيْسَتْ مِنَ الذَّنْبِ فَقَطْ بَلْ مِنَ التَّقْصِيرِ وَلِمَحْوِ آثَارِ الْقَبِيحِ، الْحَالُ الَّذِي فِيهِ تَقْصِيرٌ يُسْتَغْفَرُ وَيُتَابُ مِنْهُ وَلِلتَّرَقِّي فِي الْمَقَامِ يُسْتَغْفَرُ، الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ كَانَ يَقُولُ «أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ فَيَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ» فَهَذَا لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ يُذْنِبُ الذَّنْبَ ثُمَّ يَطْلُبُ الْمَغْفِرَةَ حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يُذْنِبُ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ، لا إِنَّمَا الِاسْتِغْفَارُ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ إِمَّا لِنَحْوِ مَحْوِ التَّقْصِيرِ الَّذِي دُونَ الذَّنْبِ أَوْ لِلتَّرَقِّي مِنْ مَرْتَبَةٍ إِلَى مَرْتَبَةٍ كَأَنَّهُ يَقُولُ ارْفَعْنِي مِنَ الْمَرْتَبَةِ الَّتِي أَنَا فِيهَا إِلَى أَعْلَى، فَالتَّوْبَةُ قَدْ تَكُونُ لِمَحْوِ أَثَرِ فِعْلٍ غَيْرِ لائِقٍ، الطِّفْلُ إِذَا قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مَعْنَاهُ أَذْهِبْ عَنِّي الْخِصَالَ الْقَبِيحَةَ.
قوله أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ليس معناه انتقل من المعصية إلى الطاعة. لَيسَ مَعناهُ أنّ الرّسولَ كانَ يَطلُب المغفرَة مِنْ ذُنُوبٍ حَصَلَت مِنهُ. لأنّ الاستِغفَارَ جَائزُ لو لم يَعلَم مِن نَفسِه مَعصِيَةً ذلكَ الوَقت.
الاِسْتِغْفَارُ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي وَقَعَ لِلْخَلاصِ مِنَ الْمُؤَاخَذَةِ بِهِ فِي الآخِرَةِ وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُ الاِسْتِغْفَارِ فِي الْقُرْآنِ بِمَعْنَى طَلَبِ مَحْوِ الذَّنْبِ بِالإِسْلامِ وَذَلِكَ كَالَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ عَنْ نُوحٍ {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [سُورَةَ نُوح/10] فَإِنَّ قَوْمَهُ الَّذِينَ خَاطَبَهُمْ بِقَوْلِهِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ مُشْرِكُونَ فَمَعْنَاهُ اطْلُبُوا مِنْ رَبِّكُمُ الْمَغْفِرَةَ بِتَرْكِ الْكُفْرِ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِالإِيْمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الأُلُوهِيَّةِ وَالإِيْمَانِ بِنُوحٍ أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِلَيْكُمْ.)
قال ابن الأثير في غريب الأثر: قولهم ذَرِبَ لِسانُه إذا كان حادَّ اللسان لا يُبَالي مَا قالَ ومِنهُ حَديثُ حُذَيفَةَ [ قال يا رسولَ اللّه إني رجلٌ ذَرِبُ اللَّسانِ )
قرئ على شيخنا رحمه الله ونفعنا به وأمدنا بأمداده
عن أبي بُرْدَةَ عن رَجُلٍ مِنَ المهَاجِرينَ قال قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم “يَا أيّها النّاسُ استَغفِرُوا رَبَّكُم وتُوبُوا إلَيهِ فَإني أستَغفِرُ اللهَ وأَتُوبُ إلَيهِ في كُلّ يَومٍ مِائةَ مَرّةٍ أو أَكثَرَ مِن مِائةِ مَرّة”. هَذا حَديثٌ صَحِيحٌ أَخرجَه النّسَائي.
عن أبي بُردة عن الأغَرّ قالَ قالَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلم “تُوبُوا إلى رَبّكُم فَإني أَتُوبُ إلَيهِ في كُلّ يَومٍ مِائةَ مَرّة”. هَذا حَديثٌ صَحِيحٌ أخرجَه النَّسَائيّ في الكبرى.
عن أبي هريرةَ رَضي الله عنه قال قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم “إني لأَستَغفِرُ اللهَ وأَتُوبُ إلَيهِ في اليَومِ مِائةَ مَرّة”. هَذا حَديثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ أخرجَه أحمد.