قرئ على شيخنا رحمه الله ونفعنا به
عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنهُ قالَ قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم “يَأتي الشّيطَانُ أحَدَكُم فيَقُولُ مَن خَلَقَ كَذا فيَقُولُ اللهُ فيَقُولُ مَن خَلَقَ اللهَ فإذَا بلَغَ ذلكَ فَلْيَسْتَعِذْ باللهِ ولْيَنْتَهِ”. هذا حديثٌ صَحِيحٌ أخرجَه مسلم.
عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالَت قالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “إنّ الشّيطَانَ يَأتي أحَدَكُم فيَقُولُ مَن خَلَقَ السّمَواتِ فيَقُولُ اللهُ فيقولُ مَن خَلَقَ الأرضَ فيَقُولُ اللهُ فيَقُولُ مَن خَلَقَ اللهَ، فإذَا كانَ ذلكَ فَلْيَقُل آمَنتُ بالله وبِرُسُلِه”. زادَ أحمدُ في رِوايَتِه “فإنّ ذَلكَ يُذهِبُ عنهُ” قال الحَافظُ صَحّحَه ابنُ حِبّان.
(قال شيخنا رحمه الله : فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَوَاءٌ لِمَا يُخَالِجُ كَثِيرًا مِنَ النُّفُوسِ وَيَتَحَدَّثُ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِيمَا بَيْنَهُمْ. وَقَدْ حَصَلَ مَا تَحَدَّثَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ فِي الْحَدِيثِ، وقَوْلُهُمْ: مَنْ خَلَقَ اللَّهَ هُوَ سُؤَالُ الْمُحَالِ وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْبَرَاهِينُ الْعَقْلِيَّةُ وَالنُّصُوصُ الْقُرْآنِيَّةُ أَنَّ صَانِعَ الْعَالَمِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَزَلِيًّا فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَالِقٌ، ثُمَّ الأَزَلِيُّ لا يَكُونُ إِلَّا أَبَدِيًّا أَيْ أَنَّ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْهُ عَدَمٌ لا يَلْحَقُهُ عَدَمٌ، فَبَيْنَ الْخَالِقِيَّةِ وَالْمَخْلُوقِيَّةِ اخْتِلافٌ ظَاهِرٌ. فَإِنْ كَانَ هَذَا خُطُورًا يَخْطُرُ في الْبَالِ فِعِلاجُهُ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ أَنْ يَنْحُوَ عَنْ هَذَا بِغَيْرِهِ أَيْ يَشْغَلَ فِكْرَهُ بِغَيْرِهِ وَيَدْفَعَهُ بِمَا هُوَ الْمُعْتَقَدُ الصَّحِيحُ وَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أَوْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ فَإِنَّ هَذَا يَنْفَعُهُ فِي قَطْعِ هَذَا الْخَاطِرِ.
وَالْخَاطِرُ هُوَ مَا لا تَمْلِكُ مَنْعَهُ مِنْ أَنْ يَرِدَ عَلَى قَلْبِكَ وَيَتَمَيَّزُ بِكَوْنِهِ بِلا إِرَادَةٍ، وَأَمَّا الشَّكُّ فبِإِرَادَةٍ.)