قَالَ اللهُ تَعَالَى: ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)،
وَوَرَدَ فِي الْحَدِيْثِ أَنَّهُ يُقَالُ لِلعَبْدِ يومَ القِيَامَةِ: أَلَمْ أُصِحَّ جِسْمَكَ وَأُرْوِكَ مِنَ الْمَاءِ البَارِدِ. فَإِذَا كَانَ هذَا مِمَّا يُسْأَلُ عَنْهُ فَكَيْفَ مَا زَادَ عَلَى ذلِكَ. حَاسِبُوْا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوْا وَإِيَّاكُمْ وَتَعَوُّدَ التَّنَعُّمِ فَإِنَّ مَنْ تَعَوَّدَ التَّنَعُّمَ فَاتَهُ خَيْرٌ كَثِيْرٌ لآخِرَتِهِ. اَلتَّنَعُّمُ بِالْحَلاَلِ لَيْسَ حَرَامًا إِذَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ ضَرُوْرَاتٌ، لكِنْ إِذَا كانَتْ هُنَاكَ ضَرُوْرَاتٌ لاَ تُسَدُّ إِلاَّ بِتَرْكِ التَّنَعُّمِ كَانَ التَّنَعُّمُ مَحْظُوْرًا. وَالضَّرُوْرَاتُ لَيْسَ الْجُوْعَ وَالعُرْيَ وَفَقْدَ الْمَأْوَى، بَلْ مِنْ أَهَمِّ الضَّرُوْرَاتِ تَعْلِيْمُ عَقَائِدِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالذَّبُّ عَنْهَا وَمُكَافَحَةُ مُخَالِفِيْهَا بِالتَّعْلِيْمِ وَالبَيَانِ وهذَا يَحْتَاجُ إِلَى عَمَلٍ بِالْمَالِ وَالبَدَنِ. اَلَّذِيْ لاَ يَسْتَطِيْعُ القِيَامَ بِهذَا الفَرْضِ بِمَالِهِ عَلَيْهِ أَنْ يَقُوْمَ بِعَمَلِ بَدَنِهِ، وَالَّذِيْ يَسْتَطِيْعُ أَنْ يَقُوْمَ بِذلِكَ بِمَالِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُوْمَ بِذلِكَ بِمَالِهِ وَبَدَنِهِ. فَلَوْ تَرَكَ جَمَاعَتُنَا التَّنَعُّمَ لاَسْتَطَاعُوْا أَنْ يَقُوْمُوْا بِعَمَلٍ عَظِيْمٍ لِدِيْنِهِمْ، لكِنَّ كَثِيْرًا مِنْهُمْ تَعَوَّدُوْا التَّنَعُّمَ، فَحَالَ التَّنَعُّمُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ كَمَالِ أَدَاءِ الوَاجِبَاتِ وَقَدْ أَوْصَى رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – مُعاذَ بنَ جَبَلٍ، قَالَ عَلَيْهِ السلاَمُ: “إِيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ فَإِنَّ عِبَادَ اللهِ لَيْسُوْا بِالْمُتَنَعِّمِيْنَ”.