قرئ على شيخنا رحمه الله ونفعنا به وأمدنا بأمداده
الحمدُ للهِ رَبّ العَالَمينَ والصّلاةُ والسّلامُ على سَيّدِ المرسَلِينَ نَبِيّنا محَمَّدٍ وعلى إخْوانِه مِنَ النّبِيّيْنَ وعلى ءالِه الطّاهِرينَ أمّا بَعدُ فإنّ خَيرَ الزّادِ التّقوَى قال الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} وسَبِيلُ التّقوَى هو العِلمُ لأنّ اللهَ إذَا أَرادَ بعَبدٍ خَيرًا يُفَقّهْه في الدّين أي يَرزُقُه العِلمَ بأُمُور دِينِه ويَرزُقُه المعرفةَ بما فَرَض اللهُ علَيهِ أن يؤدّيَه ويَفعلَه ويَرزُقُه مَعرفةَ مَا أُمِرَ باجْتِنَابِه وحَرّمَه عليهِ فَلا فَلاحَ إلا بعِلم أُمُورِ الدّين العَقِيدَةِ التي هيَ أَفرَضُ الفَرائِض ثم الأحكَام العمَلِيّة لذلكَ لأجْل أنّ عِلمَ التّوحِيد هو أفضَلُ العُلُوم قالَ البُخَاريّ بابُ العِلم قبلَ القَولِ والعَمَل واستَدَلَّ بهذه الآيةِ: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ} حيثُ قَدّمَ اللهُ ذِكْرَ المعرفةِ بهِ أي العِلم بالله على الاستغفَارِ الذي هوَ عَمَلٌ لِسَانيّ. اللهُ تَعالى أمَرَ نَبِيّهُ بالثّباتِ على العِلم به أي معرفةِ وجُودِه وتَوحِيدِه ومَا يَلِيقُ بهِ ومَا لا يَلِيقُ بهِ،
وهوَ الرّسُولُ علَيهِ السّلام كانَ مؤمنًا مِن أوّلِ نَشأَتِه إنّما المقصُودُ الثّبَاتُ على ذلكَ كمَا أنّه يَقولُ الرّسولُ صلى الله عليه وسلم وكُلُّ مُصَلّ كُلَّ يَوم خَمسَ مَرّاتٍ “اهدِنا الصّراطَ المستَقِيم” المرادُ الثّبَاتُ على الهدَى، وكَذلكَ قَولُهُ تَعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ} المرادُ بهِ الثّبُوتُ، الثّبَاتُ على العِلْم باللهِ فمِنَ الجَهْل بالتّوحِيدِ هَلَكَ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ أُنَاسٌ أَخَذُوا الطّريقَةَ القَادريّةَ والشّاذلِيّةَ والنّقشَبَنديّةَ قَبلَ أن يتَعلَّمُوا عِلمَ التّوحِيد ثم لم يُفلِحُوا فهَلَكُوا، كَثِيرٌ مِنَ المنتَسِبِينَ إلى هذه الطُّرُق لا يَعرِفُونَ خَالِقَهُم فبَعضُهم يَعتَقِدُ أنّ اللهَ تَعالى حَجمٌ سَاكنٌ في السّماء وبَعضُهم يَعتَقِدُ أنّ اللهَ حَجمٌ يتَحَرّكُ ويتَجَوَّلُ ويَحُلُّ في الأشخَاصِ رأَيتُ رَجُلا مِن ذُرّيّةِ الشّيخ عبد القَادِر وهوَ ابنُ سَبعِينَ تَقريبًا هوَ بزِيّ أَهلِ العِلم بلَغَني أنّهُ يتَكَلَّمُ بالطّعْن في شَيخٍ مِنَ الرّفاعيّةِ مِنَ الطّيّبِين قَصَدتُه في دِمَشقَ في دَارِه ففِي بَدْءِ الأمر قالَ نَحنُ لا نَعتَقِدُ الحُلُولَ والاتّحادَ أي لا يَعتَقِدُ أنّ اللهَ يَدخُلُ في الأشخَاصِ ولا نَعتَقِدُ أنّ اللهَ والعَالَم شَىءٌ واحِد. ثم بحَثتُ مَعه فآلَ أَمرُه أنّه يَعتَقدُ أنّ اللهَ حَالٌّ في الأشخَاص فقال لا نَخلُو مِنهُ مَعنَاهُ اللهُ حَالٌ فِينَا فتَركتُ الكلامَ مَعه وانصَرفتُ، هَذا يُنسَبُ للشّيخ عبد القَادِر نَسَبًا وطَرِيقَةً