بِسم اللهِ الرّحمَن الرّحيم
(مَنهَج الطُّلاب)
بِسم الله الرّحمَن الرّحِيم والحَمدُ للهِ الذي هَدَانا لهَذا ومَا كُنّا لنَهتَديَ لَولا أنّ هَدانا الله، والصّلاةُ والسَّلام على محَمّدٍ وآلِهِ وصَحبِه الفَائِزِينَ مِنَ اللهِ بِعُلاه.
وبَعدُ: فَهذا مختَصَرٌ في الفِقه على مَذهَب الإمام الشّافِعيّ رضيَ الله عنهُ وأَرضَاه اختَصَرْتُ فيهِ مُختَصَر أبي زكَريا النّوَويّ المَسَمَّى (بمِنهَاج الطّالِبِينَ) وضَمَمتُ إلَيه مَا يَسُرُّ مع إبْدَالِ غَيرِ المُعتَمَدِ بهِ بلَفظٍ مُبِينٍ، حَذَفتُ مِنهُ الخِلافَ رَومًا لِتَيسِيرِه على الرّاغِبِينَ وسَمَّيتُه بمَنهَج الطُّلّاب راجِيًا مِنَ الله أن يَنتَفِعَ بهِ أُولُو الألبَاب، وأَسأَلُه التّوفِيقَ للصَّواب والفَوزَ يومَ المَآب.
(كتابُ الطّهَارة)
إنّمَا يُطَهّرُ مِن مَائِعٍ مَاءٌ مُطلَقٌ وهوَ مَا يُسَمَّى مَاءً بلا قَيْد فمُتَغَيّرٌ بمُخَالِطٍ طَاهِرٍ مُستَغنًى عَنهُ تَغَيُّرًا يَمنَعُ الاسمَ غَيرُ مُطَهّرٍ لا تُرَابٍ ومِلْحِ مَاءٍ وإنْ طُرِحَا فِيه، وكُرِهَ شَدِيدُ حَرّ وبَرْدٍ ومُتَشَمّسٌ بشُرُوطِه، والمُستَعمَلُ في فَرض غَيرُ مُطَهّرٍ إنْ قَلَّ ولا تَنْجُسُ قُلَّتَا مَاءٍ وهُمَا خَمسُمِائةِ رِطْلٍ بَغدَاديّ تَقريبًا بمُلاقَاةِ نَجِسٍ، فَإن غَيّرَهُ فنَجِسٌ، فَإنْ زَالَ تَغَيُّرُه بنَفسِه أو بمَاءٍ طَهُرَ ودُونَهُما يَنجُسُ كرَطْبٍ غَيرِه بمُلاقَاتِه لا بمُلاقَاةِ مَيْتَةٍ لا يَسِيلُ دَمُهَا ولم تُطْرَحْ ونَجَسٌ لا يُدركُه طَرَفٌ ونَحوِ ذَلكَ فَإنْ بلَغَهُما بمَاءٍ ولا تَغَيُّرَ فطَهُورٌ والتّغَيُّرُ المُؤثّرُ طَعمٌ أو لَونٌ أو رِيْحٌ.
الشرح: هذا المؤلَّف مختَصرٌ وهوَ مِن الاختصَار أي تَقلِيل اللَّفظ وتَكثِير المعنى، “في الفِقه” وهوَ العِلمُ بالأحكَام الشَّرعيّةِ العَمَلِيَّةِ المكْتَسَب مِن أدِلَّتِها التّفصِيلِيّةِ على مَذهَب الإمام المجتَهِد أبي عبد اللهِ محَمَّدِ بنِ إدريس.
قال رحمه الله: اخْتَصَرتُ فيهِ مُختَصَر الإمامِ أبي زكريّا النَّوويّ المسَمَّى (بمِنهَاج الطّالبِين) وضَمَمتُ إليه مَا يَسُرُّ معَ إبْدَالِ غَيرِ المُعتَمَدِ بهِ بلَفظٍ مُبَيّن.
الشرح: أنّه أَبْدَلَ غَيرَ المعتَمَد بالمعتَمَد وسَيُنَبّه على ذلكَ غَالبًا في محَالّه.
قال رحمه الله: وحذَفتُ منه الخِلافَ رَومًا لتَيسِيرِه على الرّاغِبِينَ وسَمَّيتُه بمَنْهَج الطُّلّاب. راجِيًا مِنَ اللهِ أنْ يَنتَفِعَ بهِ أُولُو الألبَاب وأسأَلُه التّوفِيقَ للصّوَاب والفَوزَ يومَ المَآب
الشرح: رَومًا أي طَلَبًا، والمنهَج والمنهاجُ الطَّريقُ الواضِحُ ورَاجِيًا أي مُؤمِّلًا وأُلُو الألباب أي أصحَابُ العُقول والألبَابُ جَمعُ لُبّ وهوَ العَقلُ، ويَومُ المآبِ أي الرّجُوع إلى اللهِ تَعالى أي يومُ القِيامَة.
كِتَابُ الطّهَارة
الشرح: الطّهارَةُ لُغَةً النّظَافَةُ والخُلُوصُ مِنَ الأدنَاسِ، وشَرعًا رَفْعُ حَدَثٍ أو إزَالَةُ نَجَسٍ أو مَا في مَعنَاهُما أو على صُورَتِهما كالتّيَمُّم والأغْسَال المسنُونَة.
قال رحمه الله: إنّمَا يُطَهّرُ مِن مَائِعٍ مَاءٌ مُطلَقٌ وهوَ ما يُسَمّى مَاءً بلا قَيْد
الشرح: ولَو رَشَحَ مِن بُخَار الماءِ الْمَغليّ، وأمّا مَا يُذكَرُ مقَيَّدًا كماءِ الوَردِ وماءٍ دَافِقٍ أي مَنيٍّ فلا يُطهّرُ شَيئًا بخِلاف ما قُيّدَ لموافَقَة الوَاقِع كمَاءِ البَحْر.
قال رحمه الله: فمتَغيّرٌ بمخَالِطٍ
الشرح: وهوَ مَا لا يتَمَيَّزُ في رَأيِ العَينِ بخِلافِ المجَاوِر.
قال رحمه الله: طَاهِرٍ مُستَغنًى عنهُ تَغَيُّرًا يَمنَعُ الاسمَ
الشرح: كزَعفَرانٍ يَمنَعُ لكَثْرَتِه إطْلاقَ اسمِ الماءِ علَيهِ ولو كانَ التّغَيُّرُ تَقدِيرًا بأن اختَلَطَ بالماءِ مَا يُوافِقُه في صِفَاتِه كمَاءٍ مُستَعمَلٍ فيُقَدّرُ مخَالِفًا لهُ في إحدَى صفاتِه. لو خَالَطَ الماءَ شَىءٌ مُوافِقٌ لهُ في صِفَاتِه يَنظُرُ إلَيهِ إنْ كانَ تَغَيَّر تَغَيُّرًا كثِيرًا بذلكَ الشّىء الذي خَالَطَه كالحَلِيب أو السُّكَّر فإنْ وجَدَه تَغَيَّر تغَيُّرًا كَثِيرًا يَكُونُ غَيرَ مُطَهّر وإلاّ يكونُ مُطَهّرًا يَستَعمِلُه، وكَذلكَ الحِبرُ إذَا وَقَع في الماء. أمّا الماءُ المستَعمَل إذَا نَزَل في الماءِ الطَّهُور يُقَال هَل هذَا القَدرُ يغيّرُه تَغيِيْرًا كَثِيرًا في طَعمِه لَو كانَ حَلِيبًا أو لَو كانَ حِبرًا هَل يُغَيّرُه تَغيِيرًا كَثِيرًا في لَونِه أو لَو كانَ لُبَانًا هَل يغَيّرُ رائِحَتَه فإنْ قالَ نَعَم يُغَيّرُه كثِيرًا يُقَالُ هَذا الماءُ غَيرُ مُطَهّرٍ وإلاّ فهوَ مُطَهّر.