الحمد لله وبعد، فقد حذّر العلماء الأكابر من القدماء والمحدثين من الكفر وبيّنوا أنّه أكبر الذنوب عند اللّه وأنّه أقبح ذنب يرتكبه الإنسان، وأوضحوا أنه ضدّ الإيمان الذي هو أفضل الأعمال عند اللّه تعالى وبه يَشرُف الإنسان. وقد قسّم العلماء المعتبرون الكفر إلى ثلاثة أقسام ذكروها في كتبهم وهي:
الكفر القوليّ الذي يكون باللسان كالذي يسبّ اللّه تعالى أو يسبّ الأنبياء أو يسبّ الملائكة أو يستهزئ بشرائع الإسلام كالصلاة أو الصيام أو الأذان.
الكفر الفعليّ الذي يكون بالجوارح كالذي يرمي المصحف أو أوراق الشرع في القاذورات.
الكفر الاعتقادي وهو الذي يكون بالقلب، كالذي يعتقد أنّ اللّه عزّ و جلّ يُشبه المخلوقات أو أنه سبحانه ساكن في السماء أو متحيّز في مكان أو في كلّ الأمكنة، أو اعتقد أنه تعالى في جهة من الجهات أو في كلّ الجهات، أو اعتقد أن الله جالس على العرش نعوذ بالله، أو اعتقد أنّ اللّه تعالى جسم أو ضوء أو روح والعياذ باللّه.
ولقد بيّن الأئمة رضي اللّه عنهم أن الخلاص من الكفر والرجوع إلى الإسلام يكون بالنطق بالشهادتين وليس بقول أستغفر اللّه. والشهادتان هما: أشهد أنْ لا إله إلا اللّه وأشهد أنّ محمداً رسول اللّه.
وليُعلم أن المزح والغضب وكذلك الجهل ليسوا عذرًا للوقوع في الكفر. والوقوع في الكفر يُذهب جميع الحسنات التي عملها الشخص قبل أن يكفر.
فكلّ شيء يحدث في هذا العالم، في السموات والأرض، وفي البر والبحر، وما تحت الثرى وما فوقه (والثرى هو التراب النديّ)، مكتوب في الكتاب المبين أي في اللوح المحفوظ، كما روى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أمر القلم الأعلى فقال: “اكتب ما كان وما يكون إلى يوم القيامة” (وكلام الله صفته الأزلية الأبدية ليس حرفاً ولا صوتاُ كما قال الامام أبو حنيفة رضي الله عنه). ومعنى قول مؤلف العقيدة المرشدة رحمه الله “أحاطَ بكل شيءٍ علمًا”، أن الله سبحانه يعلم ما وُجد وما سيُوجد بعلمه الأزلي الذي لا يتغيّر. علمُ الله لا يتغيّر ومشيئةُ الله لا تتغيّر وقدرةُ الله لا تتغيّر. الله تعالى له صفاتُ الكمال والجلال أزلاً وأبداً.
فائدة: الله تعالى منزّه عن المكان والجهة والكيفية والجلوس والحركة والسكون ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، مهما تصوّرتَ ببالك