قال الشيخ:الرّسُولُ كانَ عندَه احتِمَالٌ أنّه إنْ زادَ في الاستِغفَارِ عن السَّبعِينَ مَرَّة لعَبدِ الله بنِ أُبيّ يُغفَر لهُ بالدخول في الاسلام وهوَ لما صَلّى علَيه كانَ ظَنَّ واعتقَدَ أنّه رَجَع عن نِفَاقِه: قال تعالى{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80)}سورة التوبة.( الاستِغفَارُ الذي يَكُونُ لكَافِر حَيّ يكونُ بمعنى مَغفِرَةِ ذُنُوبه الكُفرِ ومَا سِواه بدُخُولِه في الإسلام، الرّسُول لما قال لأبي طالب بَعدما أبى الشَّهَادَة: لأستَغفرَنَّ لكَ مَا لم أُنْهَ عَنكَ مَعنَاهُ لأَطْلُبَنَّ لكَ الدّخُولَ في الإسلام ليُغفَر لكَ بالإسلام، وأمّا الاستغفَار لهُ بأنْ يَغفِرَ اللهُ لهُ وهوَ على كُفره فهذا رَدٌّ للنّصُوصِ كقوله تعالى: {إنَّ اللهَ لا يَغفرُ أنْ يُشرَكَ به}، أما استغفَارُه لعبدِ الله بنِ أُبيّ فمَا كانَ قَبلَ مَوتِه كانَ بمعنى أن يُذهِبَ اللهُ عَنه الشّكَّ في صحّة الإسلام باعتقادِ الإسلام وأمّا صَلاتُه علَيه التي تتَضَمَّن الاستغفَارَ لهُ فقَد كانَ الرّسُول في تلك الحالِ يَظُنّ أنّه زالَ عنه ذلكَ الشّكّ وأنّه صَار مُوقنًا بالإيمان وأمّا مَن اعتقَد أنّه صَلّى عليه وهو جَازمٌ بأنّه لم يزل على نِفَاقِه وكُفرِه فقَد نَسَب إلى الرّسول ما يَستَحِيلُ عليه وذلكَ لأنّ عَبدَ الله بنَ أُبَيّ بَعدَما ظَهَر مِنهُ مِنَ النّفَاق كانَ يَأتي الرّسولَ ويصَلّي خَلفَه وأَنكَر مَا قِيلَ عَنه مِن أَنّه قال لَيُخرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنها الأذَلّ فكَانَ بحَسَب الظّاهِر مُسلمًا أمّا بَاطِنُه كانَ خَافيًا على الرّسُول وغَيرِه.)
(عن ابن عباس عن عمرَ قال لما ماتَ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيّ ابنِ سَلُول جاءَ ابنُه عبدُ الله بنُ عبدِ الله إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسولَ الله إنّ أَبي قَد مَاتَ فَصَلّ علَيه، فقَامَ رَسولُ اللهِ وقامَ مَعه أصحَابُه وقُمْتُ، فلَمّا قامَ رَسولُ الله ليُصَلّيَ علَيهِ قُمْتُ في صَدْره فقلتُ يا رسولَ الله تُصَلّيْ على عَدُوّ اللهِ القَائلِ يومَ كَذا كَذا وكذَا والقائلِ يوم كذا كذَا وكذا، أعدد أيّامَه الخَبِيثَة؟ قال فلَمّا أَكثَرتُ على رسولِ الله قال: «دَعْنِي يا عمرُ فإنّي قَد خُيِّرْتُ (استَغفِرْ لَهُم أو لا تَستَغفِرْ لَهُم إنْ تَستَغفِرْ لَهُم سَبعِينَ مَرّةً فلَنْ يَغفِرَ اللهُ لَهُم) سورة التوبة. ولَو عَلِمتُ أَنّيْ إذا زِدْتُ على السَّبعِينَ مَرّة غُفِرَ لَهُم لَزِدْتُ». قال فصَلَّى رسولُ الله ثم قامَ على قَبرِه قال فعَجِبتُ مِن جُرأَتي على رَسُولِ اللهِ فمَا بَرِحْتُ حتى نزَلَت الآيةُ (ولا تُصَلّ على أحَدٍ مِنهُم ماتَ أبَدًا ولا تقُمْ على قَبرِه) قال فمَا صَلّى رسولُ اللهِ على أحَدٍ مِنهُم ولا قامَ على قَبرِه) رواه أحمد والبخاري والترمذي والبيهقي والنسائي وابن حبان