أحكام زكاة الفطرة وفضيلتها
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين.
يقول الله تعالى في القرءان الكريم:
(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلفُقَرآءِ والمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عِلِيهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلٌوبُهُم وَفِي الرِقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابنِِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) سورة التوبة / 60.
اعلموا اخوة الإيمان أَن من جملة الفرائض المتعلقة بشهر رمضان المبارك زكاة الفطر. ويقال عن هذه الزكاة زكاة الفطر لأنها تجب بالفطر أي بدخول يوم عيد الفطر، ويقال لها زكاة الفطرة، أي الخِلقَة، يعني زكاة البدن، لأنها تُزَكِّي النَّفس أي تُطَهّرها وتُنَمي عملها.
وزكاة الفطر تجب بإدراك جزء من شهر رمضان وجزء من شهر شوال (بأن كان حيًا عند غروب شمس ءاخر يوم من رمضان) وعلى هذا تجب زكاة الفطر على ولي الأمر عن مولوده الجديد الذي وُلد ءاخر يوم من رمضان وأدرك جزءًا من شهر شوال. ويجب على المسلم أن يخرج زكاة الفطرة عن نفسه وعمّن تجب عليه نفقتهم إن كانوا مسلمين، فمن كان له أبوان مسلمان فقيران وجب عليه أداء زكاة الفطرة عنهما.
ويجب على الرجل المسلم أن يدفع زكاة فطرة زوجته المسلمة وأولاده الذين هم دون البلوغ، وأما أولاده البالغون فلا يجب عليه دفع زكاة الفطر عنهم، وإنما الإبن البالغ والإبنة البالغة يدفعان زكاة الفطر عن نفسيهما إن استطاعا، وإن لم يستطيعا ذلك جاز لأبيهما أن يدفع عنهما بإذنهما تطوعًا.
وتجب زكاة الفطرة على من عنده مال فاضل عن دَينه وكسوته ومسكنه، وفاضل كذلك عن قوته وقوت من عليه نفقتهم يوم عيد الفطر وليلة يوم العيد.
وأما مقدار زكاة الفطرة التي يجب إخراجها عن كل واحد فهو صاع من غالب قوت البلد، والصاع في عُرف الشريعة أربعة أمداد. والمُدُّ هو ملء الكفين المعتدلتين. ويجوز عند بعض الأئمة أن يخرج مالاً بقيمة زكاة الفطرة.
ولا بد من النية القلبية في جميع انواع الزكاة (بما في ذلك زكاة الفطرة) مع الإفراز، وهو عزل القدر الذي يكون زكاة عن ماله وعن زكاة الفطرة. وذلك كأن يقول بقلبه: “هذه زكاة مالي“، ولزكاة الفطرة يقول بقلبه: “هذه زكاة بدني“.
يقول النبي عليه الصلاة والسلام: “إنما الأعمال بالنيات” أي أن الأعمال الصالحة كالصلاة والحجّ والزكاة لا تكون معتبرة إلا بالنية.
لمن ومتى تخرج زكاة الفطرة؟
اعلموا إخوةَ الإيمان أنَّ زكاة الفطرة تُعطى لأي صنف من الأصناف الثمانية المذكورة في القرءان الكريم والمستحقين للزكاة بقوله تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلفُقَرآءِ والمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عِلِيهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلٌوبُهُم وَفِي الرِقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابنِِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
لا يجوز ولا يصح صرف الزكاة لغير هؤلاء الأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله عز وجل في القرءان، لأنه معلوم أن لفظ “إِنَّمَا” في قوله تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ) يفيد الحصر في الأصناف الثمانية التي ذُكرت، فلو كانت الزكاة مُعدة لكل عمل خيري لانتفى الحصر، وهذا خلاف الآية.
وأما قوله تعالى ( وَفِي سَبِيلِ اللهِ) فليس المراد به أن كل عمل خيري عُمل في سبيل الله يُدفع له مال الزكاة المفروضة، فقد بيّن العلماء المجتهدون والمفسرون الثقات أنَّ المقصود بقوله تعالى( وَفِي سَبِيلِ اللهِ) الغزاة المتطوعون بالجهاد فيعطون ما يحتاجونه للجهاد ولو كانوا أغنياء إعانةً لهم على الغزو والجهاد في سبيل الله تعالى.
ولا تدفع الزكاة لإنسان من بني هاشم وبني المطلب، فكل منسوب للرسول صلى الله عليه وسلم من جهة الحسن أو الحسين لا يحلّ له أن يأكل من مال الزكاة ولو كان فقيرًا.
واعلموا إخوةَ الإيمان أنهُ يجبُ أداءُ زكاة الفطرة قَبلَ غُروبِ شمس يوم عيد الفطر المبارك، وأما السُّنةُ في إخراجها فيكون يوم عيد الفطر وقبل صلاة العيد فهذا هو الأفضل والموافق لسُنّة نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام، ويجوز إخراجها في أي وقت من رمضان.
وليُعلم أنَّ من أهمل أداء زكاة الفطرة فلم يدفعها كما أمر الله فقد عصى الله تبارك وتعالى، ولا تسقط عنه إلا بدفعها.