والمانعون من التأويل يقولون هو تعطيل، كلامهم هذا غير صحيح، وقد تأوّل السلف بعض الآيات والأحاديث، أي فسّروها، لتتوافق مع الأصول المجمع عليها بما يوافق اللغة والشريعة.
ومن الدليل على أن من السلف من كان يؤوّل تأويلاً تفصيلياً، أي تفسيراً تفصيلياً، ما قدمناه من كلام الإمام البخاري (فائدة ٣٣)، وإن يكن أكثرهم قالوا ”أمرّوها كما جاءت بلا كيف”، هذا معناه تأويل إجمالي، أي اروُوها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه. أخذوا ذلك من آية التنزيه الكلي: “ليس كمثله شيء” (الشورى، 11). هذه الآية تفيد التنزيه الكلّيَ لربّ العالمين عن مشابهة المخلوقين.
هذا هو مذهب السلف رضي الله عنهم، نفي التشبيه عن الله عز وجل، قال الإمام الطحاوي (321 هـ.) وهو من السلف ويحكي إجماعهم: “وَمَن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر” معناه من شبّه الله بخلقه ليس مسلماً.
والعباد تحت مشيئة الله تبارك وتعالى كما قال سبحانه في الكتاب العزيز: ﴿وما تشاءون إلا أن يشاء الله ربُّ العالمين﴾ [سورة التكوير]. قال الطبري: “وما تشاؤون أيها الناس الاستقامة على الحقّ إلا أن يشاء الله لكم ذلك”. وقال البغوي: “الله تعالى أعلمهم أن المشيئة في التوفيق إليه وأنهم لا يقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله. وفيه إعلام أن أحداً لا يعمل خيراً إلا بتوفيق الله ولا شراً إلا بخذلانه سبحانه”. انتهى
فائدة: الله تعالى منزّه عن المكان والجهة والكيفية والجسمية والحجمية والجلوس والحركة والسكون، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، مهما تصوّرتَ ببالك فاللهُ لا يُشبه ذلك.