قال الامام الطحاوي رحمه الله: نَقُول في تَوحِيدِ اللهِ مُعْتَقِدِينَ بِتَوْفِيقِ اللهِ: إنَّ اللهَ وَاحِدٌ لا شَرِيكَ لَهُ وَلا شَىءَ مِثلُهُ.اهـ يريد الطحاوي أن يقول إن التوفيق بيد الله تعالى، والتَّوفيقُ هُوَ أن يخلق الله في الإنسان القُدْرَةِ على الطّاعَةِ فمن أطاع الله نسميه عبداً موفّقاً. وقالَ بعضُ العُلَماءِ: التَّوفيقُ هو فَتْحُ بابِ الخَيْرِ وإغْلاقُ بابِ الشَّرِّ.
فَمَعْنى وَفَّقَكَ اللهُ أي يَسَّرَ لكَ الخيرَ، أي يَسَّرَ لكَ ما يُحِبُّ منك أن تفعله، هذا مَعْنى وَفَّقَكَ اللهُ، وليسَ مَعْنى وَفَّقَكَ اللهُ قَدَّرَ اللهُ لكَ الحصول على المال الكثير، هذا لا يُقالُ لهُ تَوفيقٌ، مَهما كَثّرَ اللهُ تَعالى للعَبدِ الرِّزقَ والأموال الكثيرة لا يُقالُ وفَّقَهُ، إنَّما يُقالُ وَفَّقَهُ إذا أَجْرى على يَدِهِ الخَيرَ، أي العَمَلَ الصّالِحَ الَّذي أمَرَه اللهُ بهِ.
مثالٌ ذلك رَجُلٌ موسِرٌ بمالٍ حَلالٍ يُفَرِّقُهُ في مَرضَاةِ اللهِ يريد الثواب من الله، هذا يُقالُ لهُ بتَوفيقِ اللهِ، لأنّ تَفْرِقَةَ المالِ الحلالِ لِوَجْهِ اللهِ تعالى هذا بِتَوفيقِ اللهِ يكونُ، لأنَّ هذا حَسَنةٌ مِنَ الحسَناتِ، هذا عَمَلٌ صَالحٌ.
لذا لا يَجوزُ أنْ يُقالَ لِشَخْصٍ اللهُ لا يُوَفِقُكَ، لأنَّ معناهُ اللهُ لا يُمَكِّنُكَ مِنْ فِعْلِ الخيرِ.
قال الامام الطحاوي رحمه الله: ولا تحويه (أي الله تعالى) الجهاتُ الستُ كسائر المبتدَعات.اهـ والمبتدَعات (بفتح الدال) أي المخلوقات، ومعناه أن الله منزّه عن الجهة والمكان. يتبع إن شاء الله
سيّدنا رسول الله مدح من يتفقه في الدين، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَن يُرِد اللهُ به خيراً يفقِّههُ في الدين” رواه البخاري ومسلم.