الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وبعد:
قال الله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} [سورة البقرة].
هذه الآيةُ تُخبِرنا بأنَّ البشَرَ كُلَّهم كانوا على دِينٍ واحِد أي الإسلام. {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً} أي على دينٍ واحِد.
وكانت لهم الصلاةُ يُصَلُّونَها فرَضَها اللهُ علَيهم.
في شَرع آدَم أَكلُ لَحْم الخِنـزير كانَ حَرامًا، وكذلكَ الميتَة أكلُها كانَ حَرامًا والدم، وكذلك الزنا كل هذا كان محرَّمًا فى جميع الشرائع.
وكذلكَ عَلَّم اللهُ آدمَ أصُولَ المعيشَةِ، أَخرَج لهُ منَ الجَنَّة الحِنطَة لكن هذه الحنطَة ما بقِيَت على خِلقَتِها كما هي في الجنَّة، تَغيَّرَت صِفَتُها.
وعلَّمَه كيفَ يُستَخرَج الذَّهَب منَ الأرض والفِضَّة وتُعمَل عملَة منَ الذَّهَب وعُملَة منَ الفِضَّة، وكانَ آدمُ ضرَب لِذُرِّيته الدِّينارَ والدِّرهَم.
وكذلك علَّمَ آدمُ ذُرِّيتَه كيف يَبنُونَ المساكن إلى غيرِ ذلك مِن أصُول المعيشة، من تعلِيم اللهِ لهُ علَّمَهُم.
كما أنَّه عَلَّمَه اللهُ تعالى اللُّغات ثم عَلَّم ذُرِّيَّتَه اللّغات لكن كانَ أكثرُ حِواره مع أولادِه باللُّغَة السُّريانيَّة.
{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَة} فاختلَفُوا أي بعدَ ذلك اختَلفوا قِسمٌ بقُوا على عبادةِ الله وقسمٌ أشركوا بالله عبَدُوا الأوثان؛ {فبَعَث اللهُ النَّبِيِّين مُبَشِّرين ومُنذِرين} أي لما اختَلفوا وصارَ قِسمٌ مِن البشر على الكفر أرسلَ الله تعالى الرّسُلَ ليُبَشِّروا مَن كانَ على الإيمانِ بالجنَّة والنعيم المقِيم في الآخرة ويُنذِرُوا مَن أشرَك بالله تعالى بالعذاب الدَّائم الذي لا انقطَاع لهُ.
القُرودُ خُلِقَت قبلَ آدَم، كلُّ أصنافِ الخَلْق مِنْ بهائم وحشَراتٍ وطيُور خُلِقَت قبلَ آدَم.
وأمَّا الذينَ مسَخَهُم الله تعالى قِردَةً مِن بني إسرائيل هؤلاء عصَوا أمرَ اللهِ فنَـزل عليهم السَّخَط فمسَخَهُم اللهُ قِرَدةً وخَنازير عاشُوا ثلاثةَ أيَّام ثم ماتُوا ما تنَاسَلُوا.
أولئك الذين كانوا بَشرًا من ذُرِّية يعقوبَ عليه السلام، هذا بعدَ يُوسُف وبعدَ موسى عصَوا ربَّهم فمَسخَهم اللهُ قِرَدةً وخَنازير، أمّا بَقيَّةُ البشَر بقُوا على حالهِم ما مُسِخوا.
ثم جاءَ في حديث سيِّدنا محمدٍ أنَّ بعضَ أُمَّتِه سَيُمسَخون قِردَةً وخنازير ولا بُدَّ أن يَصيرَ ذلك. وصَفَ الرّسولُ ذلكَ بأنهم يَستَرسِلُون في شُرب الخمر، والخِنـزير، والزِّنى، ولُبسِ الحرير الأصليِّ الذي حرَّمَه اللهُ على الرِّجال، والمعازف الآلاتِ التي تُطرِب بنَفسِها.
قِسمٌ منهُم يقعُ الجبَل علَيهِم فيمُوتُون، وقسمٌ منهُم يمسَخُون قِردةً وخنازير.
وكذلكَ يَمنَعُونَ الزَّكاة، فيهم خمسُ خِصال الاسترسالُ أي الانهِماكُ بالخمر، والحَرير، والزِّنى، والمعازف آلات اللَّهو، ومَنعُ الزَّكاة، رواه الحاكم والبيهقي وأبو نعيم. اهـ.