قال الإمام الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله وغفر له ولوالديه : فقد روّينا بالاسناد المتصل إلى كتاب القدر للبيهقي رحمه الله وإلى كتاب تهذيب الآثار للإمام ابن جرير الطبري رحمه الله من حديث عبد الله بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “صنفان من أمتي ليس لهما نصيب في الإسلام القدرية والمرجئة”.
هذا الحديث صححه الحافظ والإمام المجتهد ابن جرير الطبري وكذلك القطاني، ثم أيضًا الإمام أبو حنيفة اورده في بعض رسائله
في الاعتقاد الإمام أبو حنيفة مجتهد حافظ محدث، لأنه لا يوجد مجتهد إلا وهو محدث، لأنه لا يمكن ان يصل أحد درجة الاجتهاد إلا وهو من علماء الحديث الذين يعرفون الحديث الثابت والسقيم معرفة ناشئة من تلقاء نفسه ومعرفة رواة الحديث وما يتبع ذلك، ثم الإمام أبو حنيفة أورده في بعض رسائله في الاعتقاد محتجًا به أي في صدر اثبات مسألة اعتقادية بل ان هذا الحديث بالمرتبة ما في الصحة بين المتواتر وبين ما دونه من الأحاديث من أخبار الآحاد، واشترط أبو حنيفة في الاحتجاج بالحديث في الاعتقاد أن يكون مشهورًا والمشهور هو مفترق بن المتواتر وبين ما دونه هو وسط بين المتواتر وبين احاديث الآحاد التي لم تصل إلى مرتبة المشهور.
هذا الحديث يقضي ويحكم على هؤلاء الذين يقولون العبد يخلق أفعال نفسه بقدرة اعطاه الله إياها وأنه كان قادرًا على خلق حركات العبد وسكونه قبل أن يعطيه القدرة عليها فلما أعطاه القدرة عليها صار عاجزًا(بالكفر). هذا ثابت عن المعتزلة، نسبه إليهم الإمام أبو منصور الماتريدي في كتابه المسمى بكتاب التوحيد والإمام أبو منصور البغدادي، هذان الإمامين احدهما ركن من الأركان عند الحنفية
والآخر ركن من الأركان عند الشافعية. الإمام أبو منصور يلقب علم الهدى أهل ما وراء النهر على لسانه يتكلمون بخارى وسائر تلك النواحي. كذلك يقول شارح كتاب احياء علوم الدين المجتهد محمد مرتضى الزبيدي لم يختلف اثنان من علماء ما وراء النهر في تكفير المعتزلة معناه أي مجمعون على تكفيرهم، ومن يقول بهذا القول لا ينبغي أن يتردد ويشك في تكفيره، لأنهم معنى قولهم ان الله كان قادرًا على أن يخلق مقدورات العباد أي حركاتهم وسكونهم قبل أن يعطيهم القدرة عليها ثم لما أعطاهم القدرة عليها صار عاجزًا عنها،(فيه نسبة العجز الى الله)
بعد هذا، بعد نسبة العجز إلى الله لا يشك لا يتردد مؤمن في تكفير قائل ذلك. كذلك نسب إليهم الإمام الجليل الشافعي الذي هو أحد أصحاب الوجوه وهي مرتبة تلي مرتبة الإمام صاحب المذهب يقال لهم أصحاب الوجوه وهو الإمام المتولي هذا أيضًا له كتاب في الاعتقاد قال فيه ان المعتزلة نفوا قدرة الله على مقدور العبد أي بعد ان أعطاه الله القدرة على أعماله صار العبد مستقلاً عن الله.
كذلك نسب إليهم هذا القول الإمام أبو الحسن شيث بن إبراهيم وقال في كتابه الذي ألفه للرد على الاعتزال المسمى “حز الخلاصم وإفحام المخاصم” نسب إليهم أنهم جعلوا الله تعالى كما يقول المثل المشهور ادخلته داري ثم أخرجني منها.
هذا لسان حال المعتزلة لأنهم قالوا الله كان قادرًا على أن يخلق مقدور العبد قبل أن يعطيه القدرة عليها فلماأعطاه القدرة عليها صار عاجزًا ،هذا معناه كالذي قال ادخلته داري أي باختياري أدخلته الديار ثم بعد أن أدخلته أخرجني منها صرت لا أستطيع أن أدخل أن أعود إلى هذه الدار. ثم إن البيهقي رحمه الله الذي ألف كتاب القدر يقول في هذا الكتاب كتاب القدر عن رافع بن خديج صاحب رسول الله حديثًا فيه تشنيع من رسول الله على القدرية.أما المرجئة فهم طائفة انتسبوا إلى الإسلام كانوا يعتقدون ان العبد المؤمن أي الذي ءامن بالله ورسوله لا تضره المعاصي كائنًا من كان على مذهبهم من ءامن بالله ورسوله مهما عمل من الكبائر ومات بلا توبة فليس عليه عقاب هذا أمر عظيم ليس بالهيّن لأن فيه تعطيل ءايات قرءانية وأحاديث نبوية، القرءان والحديث فيهما تهديد لعصاة المسلمين بالنار، هؤلاء المرجئة كذبوا هذه النصوص القرءانية والحديثية وقالوا ان مات مسلما مهما كان عليه من الكبائر لا يعذب، هؤلاء أمرهم في تكذيب الشرع ظاهر، الحمد لله هؤلاء كأنهم انقرضوا من زمان ما بقي منهم أحد انما لهم ذكر في كتب الاعتقاد حيث يذكر تعدد الفرق المنتسبة للإسلام التي لم تخرج عن دائرة الإسلام والتي خرجت عن دائرة الإسلام، ثم هناك طائفة للمعتزلة لا يقولون بذلك، لا يقولون ان العبد يخلق أفعال نفسه انما انحرفوا عن الملة في مسائل اخرى قالوا ان الله لا يرى في الآخرة كما لا يُرى في الدنيا لا للمؤمنين ولا للكفار، وقالوا ان أهل الكبائر مخلدون في النار، الذين ماتوا بلا توبة لا تنالهم شفاعة شافع فلا يخرجون من النار، جعلوهم جعلوا المسلمين من أهل الكبائر الذين ماتوا بلا توبة كالكفار، جعلوهم مخلدين مؤبدين في النار كسائر الكفار مع ذلك قالوا هؤلاء اهل الكبائر الذين ماتوا بلا توبة لا هم كفار ولا هم مؤمنون بل في منزلة بين المنزلتين. اه