سؤال: ما هو الدليل من طريق العقل على وجود الله تعالى؟
الجواب: الدليل العقلي المحض على وجود الله يتضح من خلال إثبات حدوث العالم وكون كل ما فيه من دون استثناء محدَثاً أي مخلوقاً، فنقول:
1 – الأجسام اللطيفة كالهواء والكثيفة كالشجر والحجر، كلها حادثة ليست أزلية، بل هي مخلوقة لها بداية، بدليل ما نشاهد ونرى من نشأتها وتطوّرها من حال إلى آخر. وافتقار الشيء إلى غيره علامة المخلوقية.
فكلّ ما كان حادثاً فهو مخلوق يحتاج في أصل وجوده الى الله سبحانه. أما القديم الذي لا ابتداء له، وهو الله الخلاق وحده، فإنه يستغني بقِدمه وأزليته عن غيره. لذلك قلنا إن كل ما سوى الله مخلوق يحتاج إلى خالق، وهذا الخالق هو الله.
2 – ومن الدليل العقلي على وجود الله أننا نرى الأجسام محتاجة إلى من يصرّفها ويدبّرها بإصلاح ما فسد منها، فنحن نراها عاجزة عن إصلاح نفسها حتى في حال كمال قوتها فضلاً عن ضعفها وأول نشأتها، ونراها كذلك محتاجة إلى من يقهر طبائعها المتضادّة المتنافرة ما بين رطب ويابس وحار وبارد، على الاجتماع بلا تفاسد. فالذي يُخرج من الأخشاب ثمراً طرياً يستلذه الآكل، ومن البقر والجمال لبناً يستسيغه الشارب، هو الله القادر على كل شيء.
وفي ذلك المشاهد في أنفسنا وفي سائر هذا العالم، أكثر من دليل عقلي على إثبات وجود الخالق، إذ يستحيل مخلوق محدَث له بداية من غير خالق أحدثه وخصّصه بهذه البداية دون تلك، وبهذه الصفة دون تلك، وهذا الخالق هو الله تعالى، موجود لا يشبه الموجودات، موجود بلا كيف ولا مكان، وهو خالق الأجسام والكيفيات والأمكنة، مهما تصوّرت ببالك فالله بخلاف ذلك