الحمد لله وبعد، فإن الوهابية يدّعون أنهم سلفية يصولون على الناس ويجولون في المنع من صيام يوم النصف من شعبان وقيام ليله بالطاعة، وكلامهم مردود بحديث ابن ماجه وفيه: “إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها” والحديث لو سلم أن في إسناده ضعفاً إلا أنه من المشهور المعروف لدى أهل العلم جواز العمل بالحديث الضعيف (وليس المكذوب) في فضائل الأعمال (وليس في العقائد وهو ما يفعله الوهابية أنفسهم وكأنهم لا يتركون حديثاً ضعيفاً أو موضوعاً في العقائد إلا التزموه لاعتقادهم التشبيه والتجسيم في حق الله تبعاً لإمامهم ابن تيمية الضال).
نقول وبهذا الحديث وغيره يمكن أن يقال إن لليلة النصف من شعبان فضلاً وليس هناك نصّ يمنع ذلك، فشهر شعبان له فضله وروى النسائي عن أسامة بن زيد أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال له: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى ربّ العالمين وأحبّ أن يرفع عملي وأنا صائم”.
فصيام النصف من شعبان وقيام ليله داخلان في أصل عام فلا وجه لإنكارهم ذلك أصلاً.
ثم هناك كلام أمثال الامام الشافعي رضي الله عنه وهو من السلف الحقيقيين توفي سنة 204 للهجرة (وليس مثل ابن تيمية الضال توفي سنة 728 هـ. فهو ليس سلفياً في الزمن ولا في الاعتقاد) يقول (أي الشافعي) في كتابه الأم إن الدعاء يستجاب في ليلة النصف من شعبان، وهو رحمه الله يصرّح بأنه ينقل ذلك عن أهل العلم أي ممن سبقوه من السلف الصالح رضي الله عنهم.
ثم الأسهل أن نردّ عليهم من كلام شيخهم الأكبر ابن تيمية الضال فهو يقول في كتاب له يسميه اقتضاء الصراط المستقيم ما نصه: الذي عليه كثير من أهل العلم أو أكثرهم من أصحابنا وغيرهم على تفضيلها (أي ليلة النصف من شعبان) وعليه يدل نص أحمد (بن حنبل) لتعدد الأحاديث الواردة فيها وما يصدق ذلك من الآثار السلفية.
وننقل لهؤلاء الذين يعشقون ابن تيمية من كلامه كذلك: ومن هذا الباب ليلة النصف من شعبان فقد روي في فضلها من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي أنها ليلة مفضلة (انظر إلى قوله مفضلة)، وأن من السلف من كان يخصها بالصلاة فيها وصوم شهر شعبان قد جاءت فيه أحاديث صحيحة.
وقال شيخهم كذلك في كتابه الفتاوى: وأما ليلة النصف فقد روي في فضلها أحاديث وآثار ونقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يصلون فيها، فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدّمه فيه سلف وله فيه حجة فلا ينكر مثل هذا. وأما الصلاة فيها جماعة فهذا مبني على قاعدة عامة في الاجتماع على الطاعات والعبادات.اهـ. فدلّ ما تقدم على أن هؤلاء الوهابية على تناقض قوي يحرمون ما أحل الله تعالى ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى.