الرسول عليه الصلاة والسلام حذّر من الافساد بين الناس وأوصى بالاصلاح بينهم، وهذه مرتبة عظيمة لأنها تمنع الفساد والتظالم بين العباد، ولكن هذا بعد الصلاة المفروضة والصيام المفروض والزكاة المفروضة، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلَّى الله عليْهِ وَسَلَّمَ: “أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ؟” قَالُوا بَلَى. قَالَ: “صَلاَحُ ذَاتِ الْبَينِ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَينِ هِيَ الْحَالِقَةُ” رواه الترمذي وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَيُروَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله علَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: “هِيَ الْحَالِقَةُ، لا أَقُولُ تَحلِقُ الشَّعرَ وَلَكِنْ تَحلِقُ الدِّينَ”.
وفِي هذا الحَدِيثِ حَثٌ وَتَرغِيبٌ فِي الاصلاحِ بَيْنَ المُتَخَاصِمينَ واجْتِنَاب الافْسَادِ بَينَ المُسْلِمِينَ، فالاصلَاح سَبَبٌ لِلِاعتِصَامِ بِحَبلِ اللَّه وَعَدَم التَّفَرُّق بَين الْمُسْلِمِينَ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَينِ ثُلْمَةٌ فِي الدِّينِ، فَمَنْ تَعَاطَى الاصلَاح بين الناس وَرَفَعَ الفَسَاد ومنع التظالم نَالَ دَرَجَة فَوْق مَا يَنَالهُ الصَّائِم الْقَائِم بنوافل الطاعات وسننها الْمُشْتَغِل بِخاصَّةَ نَفْسه فقط. وليس المراد في الحديث أعلاه تفضيل ذلك على الصلوات المفروضات أو صيام رمضان أو الصدقة الواجبة وهي الزكاة، ولكنه لبيان أهمية إصلاح ذات البين في تماسك المجتمع الاسلامي ورقيّ العلاقات بين المسلمين وأثر ذلك في تقدم الأمة ونصرها وعزها وسؤددها.