دلالة المعجزة على صدق النبيّ عليه الصلاة والسلام،
قال محمد ميارة المالكي رحمه الله في الدر الثمين على ابن عاشر: إن أولَ ما يجب على المكلف وهو البالغ العاقل حالةَ كونه ممكنًا من النظر، معرفةُ الله تعالى ومعرفةُ رسله عليهم الصلاة والسلام.اﻫ والسبيل إلى معرفة النبيّ هو المعجزة التي يُـظهرها الله تعالى على يده تأييداً له، وهي أمر خارق للعادة موافق لدعوى هذا النبي، سالـمٌ من أن يعارض بالمثل (أي لا يستطيع أحد معارضة النبي في ما يظهر على يده من المعجزات). وقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء معجزات إذ رُوي عنه الآلاف منها، فمن هذه المعجزات ما وقع إلينا بالتواتر كالقرآن المعظم، ومنها ما لم يصل في الشهرة إلى ذلك الحد. والخبر المنقول بالتواتر (سيأتي تفسيره) يفيد علمًا قطعيًّا وليس من قبيل الأخبار (خبر الواحد عن الواحد مثلاً) التي تحتمل (من حيث العادة) الصدق والكذب (ولكن خبر الثقة الصادق لا نردّه من غير بيّنة، فكثير جداً من الأحاديث الشريفة يقال لها أخبار آحاد وليست متواترة). وتعريف الخبر المتواتر أنه ما نقله جمع عن جمع لا يُـقبل اتفاقهم على الكذب بحيث يكون مستنده الحسّ (السمع مثلاً) ولا ينـزل الناقلون له عن العدد الذي يفيد التواتر في أي طبقة من طبقات الرواة. وبهذه الطريقة (أي بالتواتر) نقل إلينا الصحابة الكرام رضي الله عنهم القرآن الكريم، ومن المتواتر نبوع الماء من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك حنين الجذع للنبي حين تركه بعد أن صنعوا له المنبر فرجع صلى الله عليه وسلم والتزم الجذع فسكن وكان ذلك بحضور عدد من الصحابة الكرام ونقلوا ذلك جمعاً عن جمع إلى يومنا هذا فلذا يقال له خبر متواتر، فوجب التصديق بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والقطع بها إذ لا يَرُدُّ الخبرَ المتواتر إلا معاند