وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «لما كان ليلة الغار قال أبو بكر: يا رسول الله دعني أدخل قبلك فإن كان حية أو شىء كانت لي قبلك، فدخل أبو بكر فجعل يلتمس بيديه كلما رأى جُحراً قال بثوبه (أخذ بثوبه) فشقه ثم ألقمه الجُحر، حتى فعل ذلك بثوبه أجمع (وليس المعنى انكشاف العورة) قال: فبقي جحر فوضع عَقِبه (العقب مؤخر القدم) عليه، ثم أدخلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «فأين ثوبك يا أبا بكر»؟ فأخبره بالذي صنع فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وقال: «اللهم اجعل أبا بكر معي في درجتي يوم القيامة». فأوحى الله إليه أن الله تعالى قد استجاب لك. أخرجه أبو نعيم في الحلية.
وعن الزهري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت رضي الله عنه: هل قلت في أبي بكر شيئًا فقال نعم فقال: قل وأنا أسمع فقال:
وثاني اثنين في الغار المنيف وقد *** طاف العدو به إذ أصعد الجبلا؛
وكان حبّ رسول الله قد علموا *** من البرية لم يعدل به رجلا؛
[والحب بكسر الحاء هو المحبوب، ولم يعدل به رجلاً معناه أنه أفضل الصحابة، وهذا كان معروفاً منتشراً بينهم رضي الله عنهم]، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه [جمع ناجذ بكسر الجيم وهي أقصى الأسنان]، ثم قال: «صدقت يا حسان هو كما قلتَ» أورده ابن الجوزي في صفة الصفوة.
وعن قيس قال: اشترى أبو بكر بلالاً الحبشي وهو مدفون في الحجارة (دفنه كفار قريش) بخمس أواق ذهبًا فقالوا: لو أبيت إلا أوقية لبعناك، فقال: لو أبيتم إلا مائة أوقية لأخذتُه، أي لأجل أن ينقذه منهم وكانوا يعذبونه بعد أن علموا بإسلامه رضي الله عنهما