ذكر العلماء أنه يجب على كل مكلف (بالغ عاقل سمع بدعوة الاسلام)، معرفة الدليل العقلي الإجمالي على وجود الله تعالى كأن يقول الشخص في نفسه الكتابة لا بد لها من كاتب كتبها والبناء لا بد له من بان بناه، والكتابة والبناء جزء من هذا العالم، فهذا العالم من باب أولى لا بد له من خالق خَلَقَهُ. وهذا الخالق لا يشبه العالم بوجه من الوجوه. أو يقولَ في نفسه أنا كنت بعد أن لم أكن، وما كان بعد أن لم يكن لا بد له من مكوِّن خلقه، فإذًا أنا لا بد لي من مكوِّن كَوَّنَني، وهذا المكوّن (بكسر الواو) موجود لا يشبه شيئًا. وهكذا سائر أفراد العالم لا بد لها من مكوّن كـوّنها لا يشبهها بحال. هذا الدليل الاجمالي واجب على كل مكلف.
أما الدليل العقلي التفصيلي على وجود الله تعالى فقد قال علماء أهل السنة إنه يجب معرفته وجوبًا كفائـيًّا، معناه ليس واجباً على كل فرد مسلم بعينه ولكن هو واجب على بعض المسلمين، وذلك مثل أن يقال إن العالَم بجميع أجزائه محدَث أي مخلوق، إذ هو أعيانٌ وأعراضٌ. فالأعيان جمع عين وهو ما له قيام بذاته كالشجر والريح، والعرَض ما لا يقوم بذاته بل بغيره كالحركة والسكون واللون والطعوم. والأعيان لا تخلو من الأعراض (أي الصفات) كالحركة والسكون، وهذا أمر ظاهر مدرَك بالبديهة. والحركة والسكون حادثان لأنه بحدوث أحدهما ينعدم الآخر، فما من ساكن إلا والعقل قاضٍ بحواز حركته، وما من متحرك إلا والعقل قاضٍ بجواز سكونه.
والقاعدة العقلية والشرعية تقول إن ما ثبت قِدَمُهُ (أي أزليته) استحال عدمه (وهو الله وحده). الله وحده كان قبل الزمان والمكان. الأعيان مخلوقة لأنها ملازمة للأعراض المخلوقة، وما لا يخلو عن الحادث فهو حادثٌ، معناه أن الشيء الذي له صفة حادثة يكون هو نفسه حادثاً مخلوقاً. فالعالم مخلوق له بداية بلا شك، وخالقه لا يشبهه سبحانه ليس كمثله شىء. وكتبه الشيخ عبد الرحمن الرفاعي الأشعري لطف الله به.