عنى كلمة “إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ” وفيها من معاني التوحيد.‏

Arabic Text By May 30, 2017

 

معنى كلمة “إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ” وفيها من معاني التوحيد.‏

عَن أُمّ سَلَمَةَ زَوج النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، قَالَت: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ‏صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “مَا مِن عَبدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ: إِنَّا للهِ ‏وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أجُرنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخلِف لِي خَيرًا مِنهَا إِلَّا ‏أَجَرَهُ اللهُ فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخلَفَ لَهُ خَيرًا مِنهَا”، قَالَت: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ ‏قُلتُ كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَأَخلَفَ اللهُ لِي خَيرًا ‏مِنهُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.‏

وفي روايةٍ قَالَت: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلتُ: مَن خَيرٌ مِن أَبِي سَلَمَةَ ‏صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَت: فَتَزَوَّجتُ رَسُولَ اللهِ ‏صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.‏

وقولها “مَن خَيرٌ” بفتح الميم وتنوين راء خير المضمومة.  ‏

وقولنا: “إِنَّا للهِ” إقرار منا له تعالى بالمُلك والسلطان التام. ‏

وقولنا: “وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ”  إقرار على أنفسنا بالهلاك. ‏

واعلم أنَّ الرجوع إلى الله ليس عبارة عن الانتقال إلى مكان أو جهة، ‏فإنَّ المكان على الله محال لأنَّ اللهَ خالقه وخالق ما سواه فلا يحتاج ‏سبحانه وتعالى إلى شىء، بل هو بمعنى القدرة وترك المنازعة وأن ‏الأمور كلها مِلك لله عز وجل وتحت سلطانه. ‏

وفي كلمة: “إِنَّا للهِ” إعلام واضح بأننا مملوكون للهِ الذي أوجدنا وخلق ‏أعمالنا وحركاتنا ونيَّاتنا وخواطرنا، وبيده أي وتحت قدرته وبإرادته ‏تصريف أمور الخلق كلهم بلا تعب ولا مشقة.‏

وكلمة: “وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ” إشارة إلى أنه لا بُدَّ من البعث والحشر ‏والقيامة، قوم إلى الجنة وقوم إلى السعير، نعوذ بالله من جهنم.‏

فمن عرف عند نزول المصيبة أنه لا بد في العاقبة من الرجوع إلى الله ‏تعالى، وفي ذلك اليوم يحصل السرور بتلك المصيبة لمن نزلت به ولم ‏يعصِ الله بسببها، يكون ذلك تخفيفًا وسلوة له.‏

وفي الاسترجاع فائدة عظيمة تظهر بركة تسليم المؤمن أمره إلى ربه ‏واتكاله عليه سبحانه وهو العالم بكل شىء لا تخفى عليه خافية، قال الله ‏تعالى: {أَلَا يَعلَمُ مَن خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ} [سورة الملك، 14)، ‏وبذلك استدلَّ علماء التوحيد على إثبات علم الله الأزلي لأن من شرط ‏الخالق أن يكون عالمًا بما خلق.‏

اللهُمَّ لا تجعل مُصيبَتنا في دينِنا وتوفَّنا وأنت راضٍ عنا يا أرحمَ ‏الراحمين نحن ومن نحبّ بجاه النبي مُحَمَّد ﷺ، ءَامِين