معنى كلمة “إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ” وفيها من معاني التوحيد.
عَن أُمّ سَلَمَةَ زَوج النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، قَالَت: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “مَا مِن عَبدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أجُرنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخلِف لِي خَيرًا مِنهَا إِلَّا أَجَرَهُ اللهُ فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخلَفَ لَهُ خَيرًا مِنهَا”، قَالَت: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلتُ كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَأَخلَفَ اللهُ لِي خَيرًا مِنهُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
وفي روايةٍ قَالَت: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلتُ: مَن خَيرٌ مِن أَبِي سَلَمَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَت: فَتَزَوَّجتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقولها “مَن خَيرٌ” بفتح الميم وتنوين راء خير المضمومة.
وقولنا: “إِنَّا للهِ” إقرار منا له تعالى بالمُلك والسلطان التام.
وقولنا: “وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ” إقرار على أنفسنا بالهلاك.
واعلم أنَّ الرجوع إلى الله ليس عبارة عن الانتقال إلى مكان أو جهة، فإنَّ المكان على الله محال لأنَّ اللهَ خالقه وخالق ما سواه فلا يحتاج سبحانه وتعالى إلى شىء، بل هو بمعنى القدرة وترك المنازعة وأن الأمور كلها مِلك لله عز وجل وتحت سلطانه.
وفي كلمة: “إِنَّا للهِ” إعلام واضح بأننا مملوكون للهِ الذي أوجدنا وخلق أعمالنا وحركاتنا ونيَّاتنا وخواطرنا، وبيده أي وتحت قدرته وبإرادته تصريف أمور الخلق كلهم بلا تعب ولا مشقة.
وكلمة: “وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ” إشارة إلى أنه لا بُدَّ من البعث والحشر والقيامة، قوم إلى الجنة وقوم إلى السعير، نعوذ بالله من جهنم.
فمن عرف عند نزول المصيبة أنه لا بد في العاقبة من الرجوع إلى الله تعالى، وفي ذلك اليوم يحصل السرور بتلك المصيبة لمن نزلت به ولم يعصِ الله بسببها، يكون ذلك تخفيفًا وسلوة له.
وفي الاسترجاع فائدة عظيمة تظهر بركة تسليم المؤمن أمره إلى ربه واتكاله عليه سبحانه وهو العالم بكل شىء لا تخفى عليه خافية، قال الله تعالى: {أَلَا يَعلَمُ مَن خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ} [سورة الملك، 14)، وبذلك استدلَّ علماء التوحيد على إثبات علم الله الأزلي لأن من شرط الخالق أن يكون عالمًا بما خلق.
اللهُمَّ لا تجعل مُصيبَتنا في دينِنا وتوفَّنا وأنت راضٍ عنا يا أرحمَ الراحمين نحن ومن نحبّ بجاه النبي مُحَمَّد ﷺ، ءَامِين