الإمام مالك رضي الله عنه يقول لا يُرى الله في هذه الدنيا بالعين التي هي أداة الإبصار.
قال القاضي عياض رحمه الله: رؤية الله سبحانه وتعالى جائزة عقلاً وثبتت الأخبار الصحيحة المشهورة بوقوعها للمؤمنين في الآخرة، وأما في الدنيا فقال مالك: إنما لم يُرَ سبحانه في الدنيا لأنه باق، والباقي لا يُرى بالفاني. فإذا كان في الآخرة ورزقوا أبصاراً باقية رأوا (المؤمنون) الباقي (اي الله عز وجل) بالباقي (اي بالعين الباقية للمؤمن وهو في الجنة)، ذكره ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري.
أما رُؤْيةُ النبي لرَبّه ليلة المعراج فقد رَوَى الطَّبرانيُّ في المُعجَمِ الأَوسطِ بإسنادٍ قَويّ كما قالَ الحافظُ ابن حجر عن ابنِ عَبّاسٍ رضي الله عنْهما قال: “رأَى محمَّدٌ ربَّهُ مَرّتينِ”، وَالمرادُ أنَّه رءاهُ بقَلبِهِ بدَليلِ حَديثِ مُسْلمٍ من طَريقِ أبي العاليةِ عن ابنِ عَبَّاسٍ في قولِهِ تعالى ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَد رَءاهُ نَزلَةً أُخْرَى (13)﴾ [سورة النجم]، قال “رَأَى رَبَّهُ بفؤادِه مرَّتينِ”.
تَنبِيهٌ: قالَ الغَزاليُّ في إحياءِ علومِ الدّينِ: “الصَّحيحُ أنَّ النّبيَّ لم يرَ ربَّهُ لَيلَةَ المعراجِ” ومرادُه أنه لم يرَهُ بِعَيْنِه إذ لم يَثبُت أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ رأيتُه بعَيني ولا أنَّ أحدًا من الصَّحابةِ أو التّابعينَ أو أتباعِهم قال: رءاهُ بعَينَي رأسِه. ونقل ابن حجر عن بعض العلماء أن الرؤية حصلت بالعين وجمهور أهل العلم على أن الرؤية بالفؤاد فقط، رأى الرسول ربه بفؤاده بلا كيف ولا مكان، وفي الرؤية بلا شك معنى زائد على مجرد العلم. وفق الله كاتبه وناشره والداعي لهم بخير وختم لنا جميعاً بخير، ءامين