*لا فاعل على الحقيقة إِلا الله*
الله تعالى هو خالق كل شيء، ومن قال بخلاف ذلك فهو فاسد منحرف عن الاسلام.
من حيث اللغة والشريعة يجوز أن يضاف الرزق الى المخلوق، يقول الله تبارك وتعالى: {فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ} [سورة النساء، 8] ؛ لذا يقال في اللغة: فلان رازق الجيش، بالإضافة، أي بإضافة كلمة الجيش وليس بالإطلاق بلا إضافة، يقال ذلك عمَّن يعطي الجيش المؤن ونحوها.
وليس مستحسنًا أن يقال: لا رازق إِلا الله، إنما يقال: لا رازق على الحقيقة إِلَّا الله، فالله تعالى هو خالق الرزق وخالق المرزوق. الله تعالى هو خلق هذا الإعطاء والشخص المعطي والمرتزق؛ فالله عز وجل هو الرازق على الحقيقة، لا رازق على الحقيقة إِلا الله.
الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه قال: لا فاعل على الحقيقة إِلا الله.
نقول: فلان فعل كذا، لكن هذا الفعل ليس على الحقيقة، بل الفاعل على الحقيقة هو الله. الله هو خالق أفعال العباد. العبد ذاته مخلوق وفعله كذلك مخلوق.
ولا يجوز أن يُجعل الرَّزَّاق أو الرَّازق اسمًا لغير الله من دون إضافة، مع الإضافة يجوز كما يقال رازق الجيش وقد تقدم.
الولد لما يولد يُسمى مرزوقا، لا يُسمى رازقا. لا فاعل على الحقيقة إِلَّا الله؛ هذه الكلمة من أصول التوحيد. الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول عندما يرجع من غزو أو حج: “لا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له.. ” وفي آخره يقول: “وهزمَ الأحزابَ وحدَه”.
هم المسلمون بحسب الظاهر هزموا الأحزاب؛ لكن في الحقيقة من الذي هزم؟ من حيث الحقيقة اللهُ هو الذي هزم الكفار.
يقول الله سبحانه: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ} هذه الآية من سورة الأنفال دليل أيضًا على أن العبد فعله على الحقيقة لله، أي الله خلقه.
في هذا العصر حدثت طائفة في بلاد الشام طلعت في فلسطين منذ نحو ستين سنة، تقول: “الإنسان هو يخلق أفعاله، أي هو يبرزها من العدم إلى الوجود” هذه الفئة مثل المعتزلة القدرية فئة ضالة، الإمام مالك حكم بأنهم مشركون.
أما نحن أي أهل السنة والجماعة فنقول: أفعالنا الذي يبرزها من العدم إلى الوجود هو الله. لسنا نحن الموجدين لها من العدم، إنما نحن مكتسبون، أي نوجّه إرادتنا لهذا الشيء والله يخلقه. نحن مخلوقون وإرادتنا وكسبنا لأفعالنا وأفعالنا كل ذلك مخلوق. هذه عقيدة أهل السّنة، عقيدة أهل الحق.
ابن تيمية المجسّم الضال خالف هذا ووافق المعتزلة، يقول: “فعل العبد له تأثير حقيقي في وجود فعله” هذا كأنه يقول العبد يخلق فعله. هذا ضلال.
ونحن نقول: لا تأثير من حيث حقيقة الأمر للعبد في وجود فعله، ومن الدليل لنا على ذلك أن الإنسان إذا شقَّ تفاحة لا يستطيع أن يعيدها كما كانت، هذا دليل على أنه ليس هو خلق هذا الشقَّ؛ لو كان الإنسان هو خلق هذا الشقَّ لاستطاع أن يُعيدها كما كانت، ولا يستطيع. فإذًا، العبدُ ليس هو خلق هذا الشق في التفاحة بل الله خلقه، وهكذا كل أفعال الإنسان ليس العبد خلقها بل الله خلقها وحده لا شريك له.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يثبّتنا على سبيل وسنّة وأن يكرمنا برؤية سيّدنا وحبيبنا محمّد عليه الصلاة والسلام ويختم لكاتبها وناشرها بخير، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، ءامين ارجو الدعاء