في كتاب فيض القدير شرح الجامع الصغير للشيخ عبدالرؤوف المناوي (ت 1031 هـ.) ذكر حديث: “أبَى اللهُ أن يقبل عملَ صاحبِ بدعة حتى يَدَعَ بدعتَه” رواه ابن ماجه وابن أبي عاصم في السنة عن ابن عباس وحسّنه السيوطي، ثم قال المناوي: (أبَى اللهُ أن يقبلَ عملَ صاحبِ بدعة) أي مذمومة قبيحة وهي الأهواء والضلالة (وليس المقصود البدعة الحسنة بدليل التقييد)، بمعنى أنه لا يُثيبه على ما عمله ما دام متلبساً بها، (حتى) أي إلى أن (يدع) أي يترك (بدعته) بأن يتوب منها ويرجع إلى اعتقاد ما عليه أهل الحق (أهل السنة والجماعة).
ثم قال المناوي: والكلام كله في مبتدع لا يكفر ببدعته، أما من كفر بها كمنكر العلم بالجزئيات (أي منكر علم الله بالأمور الخفيفة الجزئية فإنه يكفر)، وزاعم التجسيم (أي من قال عن الله جسم يكفر قاله الشافعي. كذلك يكفر إن قال الله جسم لا كالأجسام قاله الإمام أحمد)، أو الجهة (أي قال الله في مكان يكفر لأنه جعل الله محصوراً قاله الإمام جعفر الصادق)، أو الكون (أي الحدوث والمخلوقية يكفر كذلك)، أو الاتصال بالعالم أو الانفصال عنه (يكفر كذلك لأن ذلك صفة الأجسام والأحجام والله منزه عن الجسمية والحجمية، وكذلك منزه سبحانه عن الكيفية مطلقاً قاله الإمام مالك)، فلا يوصف عمله (أي معتقد ما تقدم من الكفر وما أشبهه كمن قال عن سيدنا محمد هو عين ذات الله، وهو كفر وضلال)، بقبول ولا ردّ لأنه أحقر من ذلك (أي لأن عملهم فاسد من أساسه لا صحة له لأنهم لا إسلام لهم، وإلا فلا شك في أن ما يعمله الكافر من العبادات الظاهرة لا صحة له عند الله وهو مردود عليه).