سؤال: ما حكم تقسيم البدعة إلى قسمين حسنة وسيئة؟ وهل فعل السلف الصالح ذلك أم لا؟
الجواب: لا شك في أن الغالب على البدع هو ما كان بدعة سيئة ولا سيما من ذلك البدع الاعتقادية التي اجتهد السلف في إنكارها.
فالبدعة أنواع كما قال النووي وغيره وإن غلبت عليها البدعة السيئة ولا سيما في الاعتقاديات كبدعة المشبهة المجسمة وشبه ذلك ممن خرجوا من الإسلام باعتقاد ما ينافي الكتاب والسنة. وهذا ما فهمه علماء السلف والخلف من أهل السنة والجماعة من القرآن والحديث الشريف.
ومن أئمة السلف الإمام الشافعي وهو أستاذ الإمام أحمد رضي الله عنهما قال: “المحدَثات (بفتح الدال) من الأمور ضربان (نوعان)، أحدهما ما أحدِث يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً فهذه بدعة الضلالة؛ والثاني ما أحدِث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، فهذه محدَثة غير مذمومة” رواه الحافظ البيهقي في مناقب الشافعي ونقله كذلك الحافظ ابن حجر في شرح البخاري.
وروى الحافظ أبو نعيم في كتابه حلية الأولياء عن الإمام الشافعي رضي الله عنه قال: “البدعة بدعتان: بدعة محمودة، وبدعة مذمومة. فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم”، قال الراوي: واحتج الشافعي بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قيام رمضان: نعمت البدعة هي.
فتبيّن من ذلك أن حكم البدعة في الدين وتقسيمها نص عليه السلف الصالح ومنهم الإمام الشافعي توفي سنة 204 للهجرة، فمنها مذموم وهو ما خالف الأصول الشرعية وهو الأكثر، ومنها المحمود وهو ما وافق القرآن والسنة والإجماع.
وهذا التقسيم استفاده الإمام الشافعي رضي الله عنه وغيره كثيرون ممن لا يحصى من علماء المذاهب الأربعة ومنهم النووي في شرح مسلم والعز بن عبدالسلام الملقب بسلطان العلماء وابن عابدين وغيرهم، من أحاديث كثيرة منها حديث “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” رواه مسلم، قال ابن حجر الفقيه في شرح الأربعين إن مفهوم منطوق هذا الحديث أن من أحدث في الدين ما هو منه، أي ما وافق أصوله من قرآن وسنة وإجماع، فهو معدود من الدين وليس مردوداً. ولا يُعرف لكلام الشافعي مخالف فكان إجماعاً. ومن خالف فلا يُعبأ به لأن الخلاف من غير المجتهد لا قيمة له، ولا سيما إن خالف إجماعاً. فلا تلتفتوا إخواني إلى كلام من خالف في ذلك، فإنهم بعيدون جداً من السلف في الاعتقاد وفي الفقه وقد ظهرت مخالفتهم للإمام الشافعي الذي هو من أكابر السلف رضي الله عنهم.
ومن البدع الحسنة الأذان الثاني لصلاة الجمعة أحدثه الخليفة الراشد عثمان بن عفان وأقره عليه الصحابة رضي الله عنهم، ومن البدع الحسنة نقط المصاحف وجعلها أجزاء وأرباع وتدوين الحديث الشريف وتبويبه والتأليف فيه وفي التفسير والنحو وفي سائر العلوم الشرعية، وكذلك اﻻحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي استحسنه عدد من المحدّثين والحفاظ منهم ابن حجر شارح البخاري والسخاوي وابن دحية والسيوطي وغيرهم وفيه ذكر الله ومدح النبي عليه الصلاة والسلام بما هو أهله وإطعام الطعام وإفشاء السلام وكل ذلك له أصل أصيل في الشريعة فلا وجه لإنكاره، فمن أنكر ذلك كله بحجة أن النبي لم يفعل ذلك فكيف يفتح المصحف ويقرأ فيه والمصحف عنده بدعة لأنه ليس من جمع النبيّ بل جُمع بعد وفاته بزمن صلى الله عليه وسلم.