شدة البلاء على عباد الله الصالحين تكون لرفع ‏درجتهم يوم القيامة وليس لأن الله لا يحبهم.‏

Miscellaneous By Feb 27, 2017

 

 

الإنسان العاقل يحفظ نفسه من فتنة الدنيا مهما رزقه ‏الله من القوة والجاه والمال والسيطرة، فكلّ ذلك قد ‏ينقلب في لحظة ما إلى عكس ما كان عليه من النعيم ‏الوافر، فإن كان تـنعّمه بأنواع الملذات مما حرّم الله ‏كان ذلك وبالاً عليه. المسلم العاقل يؤثر الآخرة الباقية ‏على الدنيا الفانية، حتى الحلال يترك كثيراً منه ويقدّم ‏العمل للآخرة في نشر الخير ويبذل ماله ووقته للدفاع ‏عن الدين. هذا حال المسلم العاقل ولا سيما في هذا ‏الزمن وقد انتشر الفساد والضلال. ‏

شدة البلاء على عباد الله الصالحين تكون لرفع ‏درجتهم يوم القيامة وليس لأن الله لا يحبهم.‏

بعض الناس إذا اندفع عنه ما يكره من بلاء الدنيا ‏ومصائبها يقول الله يحبني، وهذا كلام فاسد، من أين ‏له أن الله دفع عنه ذلك البلاء أو تلك المصيبة لأن الله ‏يحبّه. الله يحب الأتقياء. هؤلاء يحبهم الله ومع ذلك ‏يبتليهم رفعة لدرجتهم في الجنة.‏

الرخاء والراحة وكثرة الأصدقاء والتوسع في ملذات ‏الطعام والشراب في هذه الدنيا، ليس علامة على ‏محبة الله. وكذلك النجاة من المصائب والبلايا ليس ‏علامة على محبة الله. من آتاه الله من نعمه فليذكر ‏شكر تلك النعم، وشكر النعمة أن لا يعصي الله بها. ‏

من عافاه الله من مصيبة ما فليقل الله لطف بي، الحمد ‏لله. أما أن يقول الله يحبني فليس له ذلك. الأنبياء يحبهم ‏الله ومع ذلك منهم من ابتلي بلاء شديداً. فهذا نبيُّ اللهِ ‏أيوبُ عليهِ السلامُ آتاهُ اللهُ تعالى الصحةَ والمالَ وكثرةَ ‏الأولادِ ولم تفتِنه الدنيا ولم تَشغَلهُ عن طاعةِ ربِّهِ، ثم ‏ابتلاهُ اللهُ بعدَ ذلكَ بشدة شديدة في جسدِهِ ومالهِ وولدِه ‏ثمانيةَ عشرَ عامًا فصبَرَ على ذلكَ صبرًا جميلاً حتى ‏فرَّجَ اللهُ ما بهِ فضلاً منهُ وكرمًا.‏

سيدنا أيوب مع كونه عالي الرتبة ابتلاه الله ليزيده ‏رفعة إلى رفعته.‏

وهنا ننبه إلى أنه لا يصحّ ما ينسبه بعضُ الجهال إلى ‏أيوبَ عليه السلامُ من أنَّهُ ابتُليَ في جسمِه بأمراضٍ ‏منفّرةٍ تنفّر الناس عنه، وهذا لا أساسَ لهُ من الصحةِ ‏بل هو أكاذيبُ لا تقومُ بها الحجة. ومن هذه الأكاذيبِ ‏أن الدودَ صارَ يتناثرُ من بدنِهِ فيردّها ويقولُ لها: كُلي ‏من رزقِكِ يا مباركة إلى آخرِ ما يذكرُه بعضُ أهلِ ‏القصصِ. هذا فساد كبير. هذه الحكايةُ لا تجوزُ في ‏حقِّ الأنبياءِ بل هي تستحيلُ عليهم للعصمةِ التي ‏عصمَهمُ اللهُ بها، فهم سالمونَ من الأمراضِ التي تنفِّرُ ‏الناسَ عنهم، وهذه القصةُ فيها غلوٌّ كبير وتكذيبٌ للدينِ ‏وضلالٌ مبينٌ، فكيفَ يليقُ بنبيٍّ من أنبياءِ اللهِ تعالى أن ‏يَرُدَّ الدودَ إلى جسمِه ليتأذى بهِ، الأنبياء لا يفعلون مثل ‏ذلك. هل من أحد رأى إنساناً في عقله يأتي بالدود ‏فيضعه على جسمه ليأكل له جلده ولحمه. هذا لا يفعله ‏أدنى العقلاء فضلاً عن نبي الله أيوب عليه السلام.‏