سؤال: هل تفرّق الطرق الصوفية المسلمين؟
الجواب: لا، لأن الطرق الصوفية كالرفاعية والقادرية والشاذلية وغيرها من طرق أهل السنة والجماعة يجمعها الأساس العقائدي الواحد، والفرق بينها هو في أمور فرعية تتعلق بالسلوك والأوراد التي هي الأذكار، وهذا شيء يقبله الشرع ولا يمنع منه. فالطرق الصوفية مثلها مثل المذاهب الفقهية المختلفة ما بين مالكي وحنفي وشافعي وغير ذلك، لا يضرّ المسلم إن اتّبع هذا المذهب الفقهي أو ذاك، كما لا يضره أن يسلك على يد أيّ شيخ صوفي من الطرق المعتبرة، ولكن كل ذلك شرط أن يكون هذا الشيخ موافقاً لما جاء به أهل السنة في العقيدة وعدم خرق الإجماع في الأمور الفقهية، وهذا هو الأساس لأن المخالفة في ذلك تضرّ. الأساس هو العقيدة ثم أن لا يخرق متبع هذا الشيخ الصوفي أو ذاك الإجماع في مسائل الشرع. يتخيّر بين المذاهب إن شاء من غير مخالفة لما أجمع عليه المجتهدون. نحن لسنا ملزمين بأن نكون شافعية أو مالكية أو حنفية، ولكن ليس لنا خرق الإجماع.
المذاهب الفقهية والطرق الصوفية ليس بينها خلاف يضرّ اعتقاد المسلم، لأن المجتهد من مجتهدي المذاهب له دليله الشرعي من الكتاب أو من السنة وهو يؤدّي وظيفة شرعية، وكذلك الشيخ الصوفي يسلّك هذا المريد بالإكثار من التهليل، وذاك الشيخ لمريد آخر بالإكثار من التسبيح أو الحمد لله أو الحوقلة أو غير ذلك من الأوراد وطرق التسليك والتهذيب التي لها أصل في الشريعة، فلا بأس في أن يتخيّر الشيخ لمريديه بين هذا الورد من الذكر أو ذاك. وأين ما يفرّق المسلمين في ذلك، وكلّ هذه الأمور لها أصول شرعية، فأين الضرر في ذلك؟
وهذا كله بخلاف المخالفة التي عليها أهل البدع في الاعتقاد من مجسمة وهابية نفاة للتوسل، أو مشبهة لله بخلقه، أو معتزلة مكذّبة بالقدر، أو غيرهم ممن كلامه يقتضي تكذيب القرآن أو الرسول صلى الله عليه وسلم في ما جاء به كالقاديانية الضالة، فوجب التحذير من هؤلاء لأن الخلاف الذي ابتدعوه يتعلق بأصل الاعتقاد أي بأساس الدين، وليس في أمور فقهية فرعية فقط، على أنهم خالفوا أهل السنة في كثير من الأمور الإجماعية في الفقهيات كذلك وليس في الاعتقاد فقط، فوجب التنبه إلى ذلك.