حَدِيثِ جَابِرٍ فِي ‏صَّحِيحَيْ أَبِي عُوَانَةَ وَابْنِ حِبَّانَ: “مَا مِنْ أَيَامٍ أَفْضَل عِنْدَ الله مِنْ أَيَامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِفِي‎”.

Arabic Text By Feb 26, 2017

في فضل الأيام العشر‎ ‎الأول من شهر‎ ‎ذي‎ ‎الحجة،‎

يقول الله تعالى: “والفجر وليال‎ ‎عشر” (سورة الفجر). قوله تعالى “والفجر” هُوَ قَسَمٌ أَقْسَمَ الله تَعَالَى بِهِ، وَهُوَ انْفِجَارُ الصُّبحِ مِنْ أُفُقِ ‏الْمَشْرِقِ، وَقَدْ أَقْسَمَ تَعَالَى بِهِ كَمَا أَقْسَمَ بِالصُّبحِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّس﴾ [سُورَةَ التَّكْوِير/18]، وَيُرَادُ بِالْفَجْرِ هُنَا صبح كُلِّ يَوْمٍ لما ‏فيه من البركة العظيمة‎.

وقوله تعالى: “وَلَيَالٍ عَشْرٍ‎” ‎وَهذَا قَسَمٌ ثَانٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هي عَشْر الأَضْحَى، وَهِيَ الْعَشْرُ الأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي ‏صَّحِيحَيْ أَبِي عُوَانَةَ وَابْنِ حِبَّانَ: “مَا مِنْ أَيَامٍ أَفْضَل عِنْدَ الله مِنْ أَيَامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ‎”.

فعمل البر والإحسان فيها يزيد على ما سواه والأعمال الصالحة تزكو عند الله أكثر مما إذا عملت في غيرها. وقد روي في خصوص صيام ‏أيامه وقيام لياليه وكثرة الذكر فيه أحاديث وآثار. وفي حديث جابر في صحيحي أبي عوانة وابن حبان ”ما من أيام أفضل عند الله من أيام ‏عشر ذي الحجة“.‏

ويختص عشر ذي الحجة في حق الحاج بأنه زمن سوقهم للهَدي الذي به يكمل  فضل الحج ويأكلون من لحومه في آخر العشر وهو يوم ‏النحر. وأما أهل الأمصار فإنهم يشاركون الحاج في عشر ذي الحجة في الذكر وفي الأضاحي، فإن من دخل عليه العشر وأراد أن يضحي ‏فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا كما روت ذلك أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج حديثها مسلم.‏

ولفظ الحديث ‏عن أم سلمة ‏أن النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏قال:‏ “‏إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد ‏ أحدكم ‏أن يضحي ‏ فليمسك عن شعره وأظفاره”، وفي لفظ ‏في مسلم: عن ‏أم سلمة ‏أن ‏النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏قال: “‏إذا دخلت العشر وأراد أحدكم ‏أن يضحي ‏فلا ‏‏يمس ‏من شعره وبشره شيئاً‏”.‏

وأما مشاركتهم لهم في الذكر في الأيام المعلومات فإنه يشرع للناس كلهم  الإكثار من ذكر الله في أيام العشر خصوصاً، ففي مسند الإمام ‏أحمد ‏عن ‏ ابن عمر ‏عن النبي ‏صلى الله ‏عليه وسلم‏ قال: “ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن ‏من ‏‏هذه ‏‏الأيام العشر فأكثروا ‏فيهن ‏‏من ‏التهليل والتكبير والتحميد”.‏

‏ وذكر البخاري في صحيحه، ‏‏باب ‏فضل العمل في أيام التشريق: ‏وقال ‏‏ابن عباس: “‏‏واذكروا الله ‏‏في أيام معلومات”، أيام العشر، والأيام ‏المعدودات أيام  التشريق، ‏‏وكان ‏ابن عمر ‏وأبو هريرة ‏يخرجان إلى السوق ‏في أيام العشر ‏يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.‏

فدل ما تقدم من الآية والحديث على أن العمل في أيام العشر‎ ‎الأول من‎ ‎ذي‎ ‎الحجة‎ ‎فيها فضل وبركة عظيمة، وعمل البر والإحسان فيها يزيد ‏على ما في سواها، والأعمال الصالحة تزكو عند الله فيها أكثر مما إذا عملت في غيرها، رزقنا الله الاجتهاد فيها وفي غيرها بعمل الطاعات ‏ونشر الخيرات، وختم لنا بالحسنى بجاه سيد السادات صلى الله عليه وسلم، آمين