بيان فساد كلام سيد قطب (توفي سنة 1966) في ما نسبه من الكفر والضلال الی نبيّ الله ابراهيم عليه الصلاة والسلام.
قال الله تعالی: “مَا كَانَ إِبرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مسلِماً وَمَا كَانَ مِن المُشرِكِينَ”، (آل عمران، 67). وقال تعالى: “وَاذكُر فِي الكِتَابِ إِبرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نبِيّا” (مريم، 41). وقال تعالی: “وَلَقَد آتَينَا إِبرَاهِيمَ رُشدَهُ مِن قَبلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ” (الأنبياء، 51). والرشد هو التوفيق والعصمة قاله الإمام الماتريدي.
كان سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام كغيره من الأنبياء عيسی وموسی ومحمد وقبلهم سيدنا آدم أبي البشر عليهم الصلاة والسلام، منذ صغره ونشأته مُسلمًا مؤمنًا عارفًا بربه معتقدًا عقيدة التوحيد مُنزهًا لله تعالى عن مشابهة المخلوقات، ومُدركًا أنَّ هذه الأصنام التي يعبدها قومه الكفار لا تغني عنهم من الله شيئًا، وأنها لا تضر ولا تنفع لأن الضار والنافع على الحقيقة هو الله تعالى وحده.
قال الفخر الرازي في التفسير الكبير في قول ابراهيم في القمر والشمس “هذا ربي” إنه كان يستدلّ بذلك علی الكفار، “معناه هذا ربي في زعمكم واعتقادكم” يردّ عليهم، وهذا على أحد الأوجه، وفي وجه آخر قال: “المراد منه الاستفهام على سبيل الإنكار، إلا أنه أسقط حرف الاستفهام استغناء عنه لدلالة الكلام عليه”، أي كأنه قال ”أهذا ربي” علی سبيل الإنكار عليهم، وليس علی سبيل السؤال والشك.
أما سيد قطب فهو يضلّل نبيّ الله إبراهيم إذ يقول في كتابه الذي سماه “التصوير الفني في القرآن” ما نصه: “وإبراهيم تبدأ قصته فتى ينظر في السماء فيرى نجماً فيظنه إلهه (نعوذ بالله)، فإذا أفل (غاب) قال لا أحب الآفلين. ثم ينظر مرة أخرى فيرى القمر فيظنه ربّه (وهذا تكفير لإبراهيم كذلك)، ولكنه يأفل كذلك فيتركه ويمضي. ثم ينظر إلى الشمس فيعجبه كبرها ويظنها ولا شك إلهاً (نعوذ بالله من هذا الضلال)، ولكنها تخلف ظنه هي الأخرى”.
نقول إن كلام سيد قطب هذا مناقض لعقيدة الإسلام التي تنصّ على أن الأنبياء تجب لهم العصمة من الكفر والكبائر وصغائر الخسة قبل النبوّة وبعدها، وقول إبراهيم عن الكوكب حين رآه “هَذَا رَبي” فهو على تقدير الاستفهام الإنكاري كما قدمنا أي كأنه قال “أهذا ربي كما تزعمون”، ثم لما غاب قال “لا أحبّ الآفلين” أي لا يصلح أن يكون هذا ربّاً لانتقاله من حال إلى حال فكيف تعتقدون ذلك، فهو ينكر عليهم.
ولما لم يفهموا مقصوده بل بقوا على ما كانوا عليه، قال حينما رأى القمر مثل ذلك. فلما لم يجد منهم بغيته أظهر لهم أنه بريء من عبادة القمر الذي لا يصلح هو كذلك للربوبية. ثم لما ظهرت الشمس قال مثل ذلك فلم ير منهم بغيته، فأيس منهم فأظهر براءته من ذلك.
وأما إبراهيم في حدّ ذاته فكان يعلم قبل ذلك أن الرّبوبية لا تكون إلا لله بدليل قوله تعالى: “وَلَقَد آتَينَا إِبرَاهِيمَ رُشدَهُ مِن قَبلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ”.
وأما سيد قطب فمعنی كلامه أن الله عرف كفر ابراهيم علی زعمه وهذا عكس الآية. كلام سيد قطب هذا فيه زيادة ضلال لأن الله علم براءة إبراهيم من الشرك لقوله تعالی “وكنّا به عالمين”، أما سيد قطب فيقول إبراهيم كان مشركاً وكأنه يقول إن الله كان جاهلاً والعياذ بالله.
نبيّ الله إبراهيم كان معصوماً من الشرك والله يعلم ذلك كما تقول الآية. أما سيد قطب المنحرف الضال فيقول ابراهيم كان مشركاً والعياذ بالله تعالی. سيد قطب يردّ كلام القرآن ويردّ شهادته سبحانه لإبراهيم بكمال الإيمان والعصمة من الكفر. نعوذ بالله من هذا الإفك المبين.