سؤال: ما معنى الحديث “وألحقني بالرفيق الأعلى”؟
الجواب ما ذكره ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر، قال رحمه الله: في حديث الدعاء وألحقني بالرفيق الأعلى، الرفيق جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليّين، وهو اسم جاء على فعيل ومعناه الجماعة، كالصديق والخليط يقع على الواحد والجمع، ومنه قوله تعالى: “وحسُن أولئك رفيقا” (النساء، 69). والرفيق المرافق في الطريق.
وقال الحافظ النووي في شرح مسلم: الصحيح الذي عليه الجمهور أن المراد بالرفيق الأعلى الأنبياء الساكنون أعلى عليّين، ولفظة رفيق تطلق على الواحد والجمع، قال الله تعالى: “وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا”. انتهى
وقال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري: “في رواية المطلب عن عائشة عند أحمد ”فقال: مع الرفيق الأعلى، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً”. وعند النسائي وصححه ابن حبان “فقال: أسأل الله الرفيق الأعلى الأسعد مع جبريل وميكائيل وإسرافيل” وظاهره أن الرفيق المكان الذي تحصل المرافقة فيه مع المذكورين..، ويحتمل أن يُراد به الجماعة المذكورون في آية النساء (المتقدمة)، ومعنى كونهم رفيقاً تعاونهم على طاعة الله وارتفاق بعضهم ببعض، وهذا الثالث هو المعتمد وعليه اقتصر أكثر الشراح”، انتهى من كلام ابن حجر.
أما الأعلى متى أريد به الله تعالى، فليس في ذلك دلالة على أنه سبحانه في مكان أو جهة لأن الله تعالى هو خالق المكان والجهات والله أعلى من كل شىء قدراً، وهذا كما نقول الله أكبر لا بالحجم ولكن بالقدر والشرف. قال الإمام الزجاجي توفي سنة 340 للهجرة وهو من اللغويين الكبار، إن الأعلى في حق الله تعالى ليس معناه الحلول في بعض المكان دون بعض جلّ الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً. وقال الإمام الطحاوي: “ولا تحويه الجهات الستّ كسائر المبتدَعات” أي المخلوقات.
فتبين لك يا طالب الحق أن قول الرسول بل الرفيق الأعلى ليس معناه أن الله في جهة أو مكان كما يزعم المشبهة الضالون، بل المراد الملائكة كما صرح به الحافظ ابن حجر مستدلا لذلك برواية صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وخير ما يفسّر به الوارد هو الوارد كما قال الحافظ العراقي في ألفيّته في علم الحديث: وخير ما فسرتَه بالوارد. ويعني ذلك أننا متى وجدنا تفسيراً للحديث في رواية أخرى من الحديث الشريف فهذا أولى وأحسن.